(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) هَذَا وَالله أعظم من قَول النَّصَارَى وَأدْخل فِي الْكفْر والشرك لِأَن النَّصَارَى لم يجْعَلُوا مَعَ الله تَعَالَى إِلَّا اثْنَيْنِ هُوَ ثالثهما وَهَؤُلَاء جعلُوا مَعَه تَعَالَى خَمْسَة عشر هُوَ السَّادِس عشر لَهُم وَقد صرح الْأَشْعَرِيّ فِي كِتَابه الْمَعْرُوف بالمجالس بِأَن مَعَ الله تَعَالَى أَشْيَاء سواهُ لم تزل كَمَا يزل
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَهَذَا إبِْطَال التَّوْحِيد عَلَانيَة وَإِنَّمَا حملهمْ على هَذَا الضلال ظنهم أَن إِثْبَات علم الله تَعَالَى وَقدرته وعزته وَكَلَامه لَا يثبت إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيقَة الملعونة ومعاذ الله من هَذَا بل كل ذَلِك حق لم يزل غير مَخْلُوق لَيْسَ شَيْء من ذَلِك غير الله تَعَالَى وَلَا يُقَال فِي شَيْء من ذَلِك هُوَ الله تَعَالَى لِأَن هَذِه تَسْمِيَة لَهُ عز وَجل وتسميته لَا تجوز إِلَّا بِنَصّ وَقد تقصينا الْكَلَام فِي هَذَا فِي صدر ديواننا هَذَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين إِنَّمَا جعلنَا هَاهُنَا شنع أهل الْبدع تنفيراً عَنْهُم وإيحاشا للأغمار من الْمُسلمين من الْأنس بهم وَمن حسن الظَّن بكلامهم الْفَاسِد وَلَقَد قلت لبَعْضهِم إِذا قُلْتُمْ أَن مَعَ الله تَعَالَى خَمْسَة عشر صفة كلهَا غَيره وَكلهَا لم تزل فَمَا الَّذِي أنكرتم على النَّصَارَى إِذْ قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة فَقَالَ لي إِنَّمَا أَنْكَرْنَا عَلَيْهِم إِذْ جعلُوا مَعَه شَيْئَيْنِ فَقَط وَلم يجْعَلُوا مَعَه أَكثر وَلَقَد قَالَ لي بَعضهم اسْم الله تَعَالَى وَهُوَ قَوْلنَا الله عبارَة تقع على ذَات الْبَارِي وَجَمِيع صِفَاته لَا على ذَاته دون صِفَاته فَقلت لَهُ أَتَعبد الله أم لَا فَقَالَ لي نعم فَقلت لَهُ فَإِنَّمَا تعبد إِذا بإقرارك الْخَالِق وَغَيره مَعَه فيكفيك فنفر نفرة وَقَالَ معَاذ الله من هَذَا مَا عبد إِلَّا الْخَالِق وَحده فَقلت لَهُ فَإِنَّمَا تعبد إِذا بإقرارك بعض مَا يُسمى بِهِ الله فنفر أُخْرَى وَقَالَ معَاذ الله من هَذَا وَأَنا وَاقِف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَقَالَ شيخ لَهُم قديم وَهُوَ عبد الله بن سعيد بن كلاب الْبَصْرِيّ أَن صِفَات الله تَعَالَى لَيست بَاقِيَة وَلَا فانية وَلَا قديمَة وَلَا حَدِيثَة لَكِنَّهَا لم تزل غير مخلوقة هَذَا مَعَ تصريحه بِأَن الله قديم بَاقٍ وَمن حماقات الأشعرية قَوْلهم أَن للنَّاس أحوالاً ومعاني لَا مَعْدُومَة وَلَا مَوْجُودَة وَلَا مَعْلُومَة وَلَا مَجْهُولَة وَلَا مخلوقة وَلَا غير ومخلوقة وَلَا أزلية وَلَا محدثة وَلَا حق وَلَا بَاطِل وَهِي علم الْعَالم بِأَن لَهُ علما وَوُجُود الْوَاجِد لوجدوه كلما يجد هَذَا أَمر سمعناه مِنْهُم نصا ورأيناه فِي كتبهمْ فَهَل فِي الرعونة أَكثر من هَذَا وَهل يُمكن الموسوس والمبرسم أَن يَأْتِي بِأَكْثَرَ من هَذَا وَلَقَد حاورني سُلَيْمَان بن خلف الْبَاجِيّ كَبِيرهمْ هَذِه الْمَسْأَلَة فِي مجْلِس حافل فَقلت لَهُ هَذَا كَمَا تَقول الْعَامَّة عندنَا عِنَب لَا من كرم وَلَا من دالية وَمن هوسهم قَوْلهم أَن الْحق غير الْحَقِيقَة وَلَا نَدْرِي فِي أَي لُغَة وجدوا هَذَا أم فِي أَي شرع وَارِد أم فِي أَي طبيعة ظفروا بِهِ فَقَالُوا أَن الْكفْر حَقِيقَة وَلَيْسَ بِحَق وَقُلْنَا كلا بل وجوده عَن حَقِيقَة وَمَعْنَاهُ بَاطِل لَا حق وَلَا حَقِيقَة وَقَالُوا كلهم إِن الله حَامِل لصفاته فِي ذَاته هَذَا نَص قَول أبي جَعْفَر السمناتي المكفوف قَاضِي الْموصل وَهُوَ أكبر أَصْحَاب الباقلاني ومقدم الأشعرية فِي وقتنا هَذَا وَقَالَ هَذَا السمناني أَيْضا إِن من سمي الله تَعَالَى جسماً من أجل أَنه حَامِل لصفاته فِي ذَاته فقد أصَاب الْمَعْنى وَأَخْطَأ فِي التَّسْمِيَة فَقَط وَقَالَ هَذَا السمناني أَن الله تَعَالَى مشارك للْعَالم فِي الْوُجُود وَفِي قِيَامه بِنَفسِهِ كقيام الْجَوَاهِر والأجسام وَفِي أَنه ذُو صِفَات قَائِمَة بِهِ مَوْجُودَة بِذَاتِهِ كَمَا ثَبت ذَلِك فِيمَا هُوَ مَوْصُوف بِهَذِهِ الصِّفَات من جملَة أجسام الْعَالم وجواهر هَذَا نَص كَلَام السمناني حرفا حرفا
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) مَا أعلم أحد من غلاة المشبهة أقدم على أَن يُطلق مَا أطلق هَذَا المبتدع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute