هَذَا قَول خارق للْإِجْمَاع جملَة وَخلاف لدين الْأمة هَذَا نَص قَول السمناني فِي شَيْخه وشهدوا على أنفسهم وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتلاومون
قَالَ أَبُو مُحَمَّد هَذَا القَوْل مُخَالف لِلْقُرْآنِ وَالسّنَن لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وَقَالَ تَعَالَى {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا} الْآيَة وَقَالَ تَعَالَى {إِنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} وبالضرورة يدْرِي كل ذِي مسكة من عقله أَن التَّوْبَة من الزِّنَا خير كثير فَهَذَا الْجَاهِل يَقُول أَنه لَا يرَاهُ صَاحبه وَأَنه عمل ضائع عِنْد الله عز وَجل من مُسلم مُؤمن ومعاذ الله من هَذَا وسر هَذَا القَوْل الملعون وَحَقِيقَته الَّتِي لَا بُد لقائله مِنْهُ أَنه لَا معنى لمن أصر على الزِّنَا أَو شرب الْخمر فِي أَن يُصَلِّي وَلَا أَن يُزكي فقد صَار يَأْمر بترك الصَّلَاة الْخمس وَالزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْحج فعلى هَذَا القَوْل وقائله لعائن الله تتري مَا دَار اللَّيْل وَالنَّهَار وَنَصّ السمناني عَن الباقلاني شَيْخه أَنه كَانَ يَقُول إِن الله تَعَالَى لَا يغْفر الصَّغَائِر باجتناب الْكَبَائِر
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَأَن سَمِعت بعض مقدميهم يُنكر أَن يكون فِي الذُّنُوب صغائر وناظرته بقول الله تَعَالَى {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} وَقلت بِالضَّرُورَةِ يدْرِي كل ذِي فهم أَن لَا كَبَائِر إِلَّا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا هُوَ أَصْغَر مِنْهَا وَهِي السَّيِّئَات المغفورة باجتناب الْكَبَائِر بِنَصّ كَلَام الله تَعَالَى فقولك هَذَا خلاف لِلْقُرْآنِ مُجَرّد فخلط ولجأ إِلَى الحرد وَهَذَا مِنْهُم تَكْذِيب لله عز وَجل ورد لحكمه بِلَا كلفة وَمن شنعهم الممزوجة بالهوس وصفافة الْوَجْه قَوْلهم أَن لَا حر فِي النَّار وَلَا فِي الثَّلج برد وَلَا فِي الْعَسَل حلاوة وَلَا فِي الصَّبْر مرَارَة وَإِنَّمَا خلق الله تَعَالَى ذَلِك عِنْد اللَّمْس والذوق وَهَذَا حمق عَتيق قادهم إِلَيْهِ إنكارهم الطبائع وَقد ناظرناهم على ذَلِك هَذَا مَعَ قَول شيخهم الباقلاني أَن لقشور الْعِنَب رَائِحَة للزجاج والحصا طعماً ورائحة وَزَادُوا حَتَّى بلغُوا إِلَى أَن قَالُوا أَن للفلك طعماً ورائحة فليت شعري مَتى ذاقوه أَو شموه أَو من أخْبرهُم بِهَذَا وَهَذَا لَا يعرفهُ إِلَّا الله ثمَّ الْمَلَائِكَة الَّذين هُنَالك وَليكن من ذاق طعم الزّجاج وشم رَائِحَته فَغير مُنكر أَن يدعى مُشَاهدَة الْفلك ولمسه وَشمه وذوقه وَمن شنعهم قَوْلهم أَن من كَانَ الْآن على دين الْإِسْلَام مخلصاً بِقَلْبِه وَلسَانه مُجْتَهدا فِي الْعِبَادَة إِلَّا أَن الله عز وَجل يعلم أَنه لَا يَمُوت إِلَّا كَافِرًا فَهُوَ الْآن عِنْد الله كَافِرًا وَإِن من كَانَ الْآن كَافِرًا يسْجد للنار وللصليب أَو يَهُودِيّا أَو زنديقا مصرحين بتكذيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَن فِي علم الله تَعَالَى أَنه لَا يَمُوت إِلَّا مُسلما فَإِنَّهُ الْآن عِنْد الله مُسلم
قَالَ أَبُو مُحَمَّد مَا قَالَ هَذَا مُسلم قطّ قبل هِشَام الغوطي وَهَذِه مُكَابَرَة للعيان وَتَكْذيب لله عز وَجل مُجَرّد كَأَنَّهُمْ مَا سمعُوا قطّ قَوْله تَعَالَى {ذَلِك بِأَنَّهُم آمنُوا ثمَّ كفرُوا} فسماهم مُؤمنين ثمَّ أخبر تَعَالَى بِأَنَّهُم كفرُوا وَقَوله تَعَالَى {وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر} فَجعل الْإِسْلَام دينا لما كَانَ عَلَيْهِ إِذْ كَانَ عَلَيْهِ وَإِن ارْتَدَّ مَعَه وَمَات كَافِرًا وَقَوله تَعَالَى مُخَاطبا للْمُسلمين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا فَعِنْدَ الله مَغَانِم كَثِيرَة كَذَلِك كُنْتُم من قبل فَمن الله عَلَيْكُم فَتَبَيَّنُوا} ويلزمهم أَن الَّذِي يسلم أَبوهُ وَلَا يسلم هُوَ لِأَنَّهُ كَانَ بَالغا ثمَّ مَاتَ أَبوهُ فَلم يَرِثهُ لكفره ثمَّ أسلم أَن يفسخوا حكمهم ويورثوه من أَبِيه لِأَنَّهُ عِنْدهم كَانَ إِذْ مَاتَ أَبوهُ مُؤمنا عِنْد الله تَعَالَى ويلزمهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute