للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو مُحَمَّد والغنى نعْمَة إِذا قَامَ بهَا حاملها بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِيهَا وَأما فُقَرَاء الْمُهَاجِرين فهم كَانُوا كثر وَكَانَ الْغَنِيّ فيهم قَلِيلا وَالْأَمر كُله مِنْهُم وَفِي غَيرهم رَاجع إِلَى الْعَمَل بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع على أَنه تَعَالَى لَا يَجْزِي بِالْجنَّةِ على فقر لَيْسَ مَعَه عمل خير وَلَا على غنى لَيْسَ مَعَه عمل خير وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

الْكَلَام فِي الِاسْم والمسمى

قَالَ أَبُو مُحَمَّد ذهب قوم إِلَى أَن الِاسْم هُوَ المسمي وَقَالَ آخَرُونَ الِاسْم غير الْمُسَمّى وَاحْتج من قَالَ أَن الِاسْم هُوَ الْمُسَمّى بقول الله تَعَالَى {تبَارك اسْم رَبك ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام} وَيقْرَأ أَيْضا ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام قَالَ لَا يجوز أَن يُقَال تبَارك غير الله فَلَو كَانَ الِاسْم غير الْمُسَمّى مَا جَازَ أَن يُقَال تبَارك اسْم رَبك وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالُوا وَمن الْمُمْتَنع أَن يَأْمر الله عز وَجل بِأَن يسبح غَيره وَبِقَوْلِهِ عز وَجل {مَا تَعْبدُونَ من دونه إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم} وَقَالُوا الِاسْم مستق من السمو وأنكروا على من قَالَ أَنه مستق من الوسم وَهُوَ الْعَلامَة وَذكروا قَول لبيد ... إِلَى الْحول ثمَّ اسْم السَّلَام عَلَيْكُمَا ... وَمن يبك حولا كَامِلا فقد اعتذر ... وَقَالُوا قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْأَفْعَال أَمْثِلَة احدث من لفظ أَحْدَاث الْأَسْمَاء قَالُوا وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمُسلمين هَذَا كل مَا احْتَجُّوا بِهِ قد تقصيناه لَهُم وَلَا حجَّة لَهُم فِي شَيْء مِنْهُ إِمَّا قَول الله عز وَجل تبَارك اسْم رَبك ذِي الْجلَال والاكرام وَذُو الْجلَال فَحق وَمعنى تبَارك تفَاعل من الْبركَة وَالْبركَة وَاجِبَة لاسم الله عز وَجل الَّذِي هُوَ كلمة مؤلفة من حُرُوف الهجاء وَنحن نتبرك بِالذكر لَهُ وبتعظيمه ونجله ونكرمه فَلهُ التبارك وَله الإجلال منا وَمن الله تَعَالَى وَله الْإِكْرَام من الله تَعَالَى وَمنا حَيْثُمَا كَانَ ق رطاس أَو فِي شَيْء منقوش فِيهِ أَو مَذْكُور بالألسنة وَمن لم يجل اسْم الله عز وَجل كَذَلِك وَلَا أكْرمه فَهُوَ كَافِر بِلَا شكّ فالآية على ظَاهرهَا دون تَأْوِيل فَبَطل تعلقهم بهَا جملَة وَللَّه تَعَالَى الْحَمد وكل شَيْء نَص الله تَعَالَى عَلَيْهِ أَنه تبَارك فَذَلِك حق وَلَو نَص تَعَالَى بذلك على أَي شَيْء كَانَ من خلقه كَانَ ذَلِك وَاجِبا لذَلِك الشَّيْء وَأما قَوْله تَعَالَى {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَهُوَ على ظَاهره دون تَأْوِيل لِأَن التَّسْبِيح فِي اللُّغَة الَّتِي بهَا نزل الْقُرْآن وَبهَا خاطبنا الله عز وَجل هُوَ تَنْزِيه الشَّيْء عَن السوء وَبلا شكّ أَن الله تَعَالَى أمرنَا أَن ننزه اسْمه الَّذِي هُوَ كلمة مَجْمُوعَة من حُرُوف الهجاء عَن كل سوء حَيْثُ كَانَ من كتاب أَو منطوقا بِهِ وَوجه آخر وَهُوَ أَن معني قَوْله تَعَالَى {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَمعنى قَوْله تَعَالَى {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} معنى وَاحِد وَهُوَ أَن يسبح الله تَعَالَى باسمه وَلَا سَبِيل إِلَى تسبيحه تَعَالَى وَلَا إِلَى دُعَائِهِ وَلَا إِلَى ذكره إِلَّا بتوسط اسْمه فكلا الْوَجْهَيْنِ صَحِيح حق وتسبيح الله تَعَالَى وتسبيح اسْمه كل ذَلِك وَاجِب بِالنَّصِّ وَلَا فرق بَين قَوْله تَعَالَى {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} وَبَين قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم وَمن اللَّيْل فسبحه وأدبار النُّجُوم} وَالْحَمْد بِلَا شكّ هُوَ غير الله وَهُوَ تَعَالَى نُسَبِّح بِحَمْدِهِ كَمَا نُسَبِّح باسمه وَلَا فرق فَبَطل تعلقهم بِهَذِهِ الْآيَة وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

قَالَ أَبُو مُحَمَّد أما قَوْله تَعَالَى {مَا تَعْبدُونَ من دونه إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم} فَقَوْل الله عز وَجل حق على ظَاهره ولهذه الْآيَة وَجْهَان كِلَاهُمَا صَحِيح أَحدهمَا أَن معنى قَوْله عز وَجل {مَا تَعْبدُونَ من دونه إِلَّا أَسمَاء} برهَان هَذَا قَوْله تَعَالَى إِثْر ذَلِك مُتَّصِلا بهَا سميتموها أَنْتُم وآباؤكم فصح يَقِينا أَنه تَعَالَى لم يعن بالأسماء هاهناذوات المعبودين لِأَن العابدين لَهَا لم يحدثوا قطّ ذَوَات المعبودين بل الله تَعَالَى توَحد بإحداثها هَذَا مَا لَا شكّ فِيهِ وَالْوَجْه الثَّانِي أَن أُولَئِكَ الْكفَّار إِنَّمَا كَانُوا يعْبدُونَ أوثانا من حِجَارَة اوبعض الْمَعَادِن أَو من خشب وبيقين نَدْرِي انهم قبل أَن يسموا تِلْكَ الْجمل من الْحِجَارَة والمعادن وَمن الْخشب باسم اللات والعزي وَمَنَاة هُبل وود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا وبعل قد كَانَت ذواتها بِلَا شكّ موجودات قَائِمَة وهم لَا يعبدونها وَلَا تسْتَحقّ عِنْدهم عبَادَة

<<  <  ج: ص:  >  >>