للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْوَاحِدَة إِلَى أَن الْأَرْوَاح تنْتَقل بعد مفارقتها الأجساد إِلَى أجساد أخر وَإِن لم تكن من نوع الأجساد الَّتِي فَارَقت وَهَذَا قَول أَحْمد بن حابط وَأحمد بن نانوس تِلْمِيذه وَأبي مُسلم الْخُرَاسَانِي وَمُحَمّد بن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ الطَّبِيب صرح بذلك فِي كِتَابه الموسوم بِالْعلمِ الإلهي وَهُوَ قَول القرامطة وَقَالَ الرَّازِيّ فِي بعض كتبه لَوْلَا أَنه لَا سَبِيل إِلَى تَخْلِيص الْأَرْوَاح عَن الأجساد المتصورة بالصور الهيمية إِلَى الأجساد المتصورة بصور الْإِنْسَان إِلَّا بِالْقَتْلِ وَالذّبْح لما جَازَ ذبح شَيْء من الْحَيَوَان أَلْبَتَّة

قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَهَذِه كَمَا ترى دعاوي وخرافات بِلَا دَلِيل وَذهب هَؤُلَاءِ إِلَى أَن التناسخ إِنَّمَا هُوَ على سَبِيل الْعقَاب وَالثَّوَاب قَالُوا فالفاسق الْمُسِيء الْأَعْمَال تنْتَقل روحه إِلَى أجساد الْبَهَائِم الخبيثة المرتطمة فيي الأقذار والمسخرة المؤلمة الممتهنة بِالذبْحِ وَاخْتلفُوا فِي الَّذِي كَانَت أفاعيله كلهَا شَرّ الاخبر فِيهَا فَقَالَ بَعضهم أَرْوَاح هَذِه الطَّبَقَة هِيَ الشَّيَاطِين وَقَالَ أَحْمد بن حابط أَنَّهَا تنْتَقل إِلَى جَهَنَّم فتعذب بالنَّار أَبَد الْأَبَد وَاخْتلفُوا فِي الَّذِي كَانَت أفاعيله كلهَا خيرا لَا شَرّ فِيهَا فَقَالَ بَعضهم أَرْوَاح هَذِه الطَّبَقَة هِيَ الْمَلَائِكَة وَقَالَ أَحْمد بن حابط أَنَّهَا لَا شكّ أَنَّهَا تنْتَقل إِلَى الْجنَّة فتنعم فِيهَا أَبَد الْأَبَد واحتجت هَذِه الطَّائِفَة المرتسمة بِالْإِسْلَامِ أَعنِي أَحْمد بن حابط وَأحمد بن نانوس بقول الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الْإِنْسَان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم الَّذِي خلقك فسواك فعدلك فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَمن الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يذرؤكم فِيهِ} وَاحْتج من هَذِه الطَّائِفَة من لَا يَقُول بِالْإِسْلَامِ بِأَن قَالُوا إِن النَّفس لَا تتناهى والعالم لَا يتناهى لأمد فَالنَّفْس منتقلة أبدا وَلَيْسَ انتقالها إِلَى نوعها بِأولى من انتقالها إِلَى غير نوعها بِأولى من انتقالها إِلَى غير نوعها قَالَ أَبُو أَحْمد رَضِي الله عَنهُ وَذَهَبت الْفرْقَة الثَّانِيَة إِلَى أَن منعت من انْتِقَال الْأَرْوَاح إِلَى غير أَنْوَاع أجسادها الَّتِي فَارَقت وَلَيْسَ من هَذِه الْفرْقَة أحد يَقُول بشيءٍ من الشَّرَائِع وهم من الدهرية وحجتهم هِيَ حجَّة الطَّائِفَة الَّتِي ذكرنَا قبلهَا القائلة أَنه لَا تناهي للْعَالم فَوَجَبَ أَن تَتَرَدَّد النَّفس فِي الأجساد أبدا قَالُوا وَلَا يجوز أَن تنْتَقل إِلَى غير النَّوْع الَّذِي أوجب لَهَا طبعها الإشراف عَلَيْهِ وتعلقها بِهِ قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ أما الْفرْقَة المرتسمة باسم الْإِسْلَام فَيَكْفِي من الرَّد عَلَيْهِم إِجْمَاع جَمِيع أهل الْإِسْلَام على تكفيرهم وعَلى أَن من قَالَ بقَوْلهمْ فَإِنَّهُ على غير الْإِسْلَام وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِغَيْر هَذَا وَبِمَا وَبِمَا الْمُسلمُونَ مجمعون عَلَيْهِ من أَن الْجَزَاء لَا يَقع إِلَّا بعد فِرَاق الأجساد للأرواح بالنكر أَو التنعم قبل يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ بِالْجنَّةِ أَو النَّار فِي موقف الْحَشْر فَقَط إِذا جمعت أجسادها مَعَ أرواحها مَعَ أرواحها الَّتِي كَانَت فِيهَا وَأما احتجاجهم بالآيتين فَكفى من بطلَان قَوْلهم أَيْضا مَا ذَكرْنَاهُ من الْإِجْمَاع وَأَن الْأمة كلهَا مجمعون بِلَا خلاف على أَن المُرَاد بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ غير مَا ذكر هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدُونَ وَأَن المُرَاد بقوله تَعَالَى فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك أَنَّهَا الصُّورَة الَّتِي رتب الْإِنْسَان عَلَيْهَا من طول أَو قصر أَو حسن أَو قبح أَو بَيَاض أَو سَواد وَمَا أشبه ذَلِك وَأما الْآيَة الْأُخْرَى فَإِن مَعْنَاهَا أَن الله تَعَالَى امتن علينا فِي أَن خلق لنا من أَنْفُسنَا أَزْوَاجًا

<<  <  ج: ص:  >  >>