(إذا ملتُ ملتُ قضيباً رطيبا ... وإن صلت صلت قضيباً قضوبا)
ومن مليح ما قيل في الشيب وهزء النساء من صاحبه قول كشاجم:
(ضَحكت من شيبةٍ ضحكتْ ... في سوادِ اللمةِ الرجلهْ)
(ثم قالتْ وهي هازلةٌ ... جاءَ هذا الشيبُ بالعجله)
(قلتُ من حبيك لا كِبر ... شابَ رأسي فانثنتْ خجلهْ)
(وثنتْ جَفناً على كحلٍ ... هي منه الدهرَ مُكتحله)
(أكثرتْ منهُ تُعجُّبها ... وهي تجنيهِ وتضحكُ لهْ)
ومن مليح ما قيل في ذلك وغريبه قول الآخر:
(فظللتُ أطلبُ وصلها بتعطفٍ ... والشيبُ يغمزُها بان لا تفعلي)
وذكر مسلم بن الوليد كراهة الشيب وكراهة مفارقته إذا جاء فأحسن حيث يقول:
(الشيب كرهٌ وكرهٌ أن يفارقني ... أحبب بشئٍ على البغضاءِ مودودُ)
فتبعه علي بن محمد الكوفي فقال:
(بكى للشيبِ ثم بكى عليهِ ... فكانَ أعزّ فقداً من شبابِ)
(فقلْ للشيبِ لا تبرح حميداً ... إذا نادَى شبابُك بالذهاب)
ونقله إلى موضع آخر فقال:
(لعمرك للمشيبُ علىَ مما ... فقدتُ من الشبابِ أشدّ فَوتا)
هذا البيتُ مضطربُ اللفظ والرصف والصنعة فاعتبره:
(تمليتُ الشبابَ فكانَ شيباً ... وأبليت المشيبَ فصارَ مَوتا)
وكان من تمام الصنعة أن يقول
(أشد فقداً)
لقوله
(فقدت من الشباب)
وقلت:
(والشيب زورٌ يجتوى وقربُه ... لا يرتضى وفقدهُ لا يشتهي)
(قد يشتهي كلُ امرئٍ بُلوغَه ... وقلَ من يبلغه إلا شكا)
(كأنما الشبابُ كانَ فرقةً ... له من الأنفسِ حبٌ وقِلى)
وقد أجاد الأعرابي في قوله في صفة الشيب: أكره ضيف وأبغض طيف أحب