(لم يبق إلا شبحاً وعظما ... وأدمعاً تنهلُ منها سجما)
(علمت ما بي فجفوت علماً ... من سئمَ الوصل تجني الجرما)
فنهاها زوجها أن تتمثل فأنشأت تقول:
(تمثلتُ بيتاً ثم أذريتُ دمعةً ... فمن لامني فيه فبدَّل ما بيا)
(فما أشرف الايفاع إلا صبابةً ... وما أضربُ الأمثال إلا تداويا)
فأتى الزوج أباها فأخبره فأتاها أبوها فقال والله لأن تمثلت لأضربن ظهرك وبطنك، فدخل عليها زوجها وهي تقول:
(فإن تضربوا ظهري وبطني كلاهما ... فليس لقلب بين جنبيَّ ضاربُ)
فاشتد ذلك على زوجها وهم بطلاقها وخرج مغضبا وإذا يزيد بفنائه وهو يقول:
(تراءتْ وأستارٌ من البيتِ دونَها ... إلينا وحانت غفلةُ المتفقدِ)
(بعيني مهاةٍ تحدرُ الدمعُ منهما ... بريمين شتى من دموعٍ واثمدِ)
فجمع أهل بيته وإخوته وأتى أخاه واستعداه عليه فضربه أخوه وحلقه. فقال وهو يحلق:
(أقول لثورٍ وهو يحلقٌ لمتي ... بعقفاءَ مردودٌ عليها نصابها)
(تَرفق بها يا ثورُ ليس ثوابُها ... بهذا ولكن غير هذا ثوابها)
(فيا رُبّ يوم قد تغلل وسطها ... أنامل رخصات حديث خضابها)
(تولى بها ثورٌ تزفُ كأنها ... سلاسل درع لينها وانسكابها)
(وأصبح رأسي كالصخيرةِ أشرَفتْ ... عليها عقابٌ ثم طارت عقابها)
وقد أحسن الفرزدق الاستعارة في وصف الشيب وهو قوله:
(والشيب ينهض بالشبابِ كأنَّهُ ... ليلٌ يصيحُ بجانبيهِ نهارُ)
ولأبي إسحاق الصابي أبيات في الصلع لم يسبق إلى معناها قالها على وجه المجون:
(لما رماني الزمانُ بالصّلعِ ... وقلَّ مالي وضاقَ متسعي)