للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(تضنُ بتسليم وزرةِ ساعةٍ ... فكيف يُرحي جودُ كفيك بالوفر)

(فإن كنتَ لا تبقي على الحال بيننا ... فهلا تخاف سوء بادرةِ الشعرِ)

(إذا لمْ تكونوا للحقوقِ فمنْ لها ... وأنتم كرامُ الناسِ في البدوِ والحضر)

(وأنتَ إذا أنحيتَ تفري أديمَها ... فما ذنبُ ذي جهلٍ فرَى مثلَ ما تفري)

(وما لعداة العلم تذكرُ عيبهم ... وأنت على أمثالِ غايرهم تجري)

ومن الغريب البديع مدح الموت وهو قول ابن الرومي:

(قد قلت إذْ مدحوا الحياةَ فأكثروا ... للموتِ ألفُ فضيلةٍ لا تعرفُ)

(فيها أمانُ لقائهِ بلقائهِ ... وفراقُ كلِّ معاشرٍ لا يُنصِفُ)

ومن أحسن ما قيل في مكابدة النفس عند الموت قوله أيضاً:

(بات الأميرُ وباتَ بدرُ سمائنا ... هذا يُودَّعنا وهذا يكسفُ)

ولعل ذلك مأخوذٌ من قول الأول:

(ألمْ يبلغك والأنباء تنمى ... وللدنيا بأهليها صروفُ)

(صريعٌ لم يُوسدهُ قريب ... ولم يشركه في الشكوى أليفُ)

(يظلُ كأنه قمرٌ منيرٌ ... يجولُ على محاسنهِ كسوفُ)

ولهذا البيت رونقٌ عجيبٌ وطلاوة حسنة. ومن عجيب ما جاء في وصف المصيبة قول حذيفة بن اليمان: إن الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة فأنها خلقت كبيرة ثم تصغر. وهذا قول مصيبٌ لا يتمارى به ومنه أخذ قوله:

(وكما تَبلى وجوهٌ في الثّرى ... فكذا يَبلى عليهنَ الحزنُ)

ولا أعرف في التعزي عن المصيبة كاملاً أحسن تقسيماً من قول الأعرابي ومات له ثلاثة بنين في يوم واحد فدفنهم وعاد إلى مجلسه فجعل يتحدث كأن لم يفقد واحداً فليمَ على ذلك فقال: ليسوا في الموت ببدع ولا أنا في المصيبة بأوحد ولا جدوى للجزع فعلام تلومونني. فهذه الثلاثة الأقسام لا رابع لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>