(إذا ساءَ يوماً في الكريهةِ منظراً ... تصلاهُ علماً أن سيحسنُ مسمعا)
(فإن ترم عن عمرٍ تدانى به المدى ... فخانك حتى لم يجدْ فيك منزعا)
(فما كنتَ إلا السيفَ لاقي ضربيةً ... فقطعها ثم انثنى فتقطعا)
وقالوا أرثى بيت قالته العرب قول متمم بن نويرة في أخيه مالك قتل في الردة قتله خالد بن الوليد: أخبرنا أبو أحمد قال أخبرنا أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال كان متمم بن نويرة قدم العراق فأقبل لا يرى قبراً إلا بكى عنده فقيل له يموت أخوك بالملا وتبكي على قبره بالعراق! فقال:
(لقد لامني عندَ القبورِ على البكا ... رفيقي لتذرافِ الدموع السوافك)
هذا البيت غير مختار الرصف عندي وفي ألفاظه زيادة على معناه:
(أمنْ أجلِ قبرٍ بالملا أنت نائحٌ ... على كلَ قبر أو على كلَ هالكِ)
(فقلت له أنَ الشجي يبعثُ الشجى ... فدعني فهذا كلهُ قبرُ مالك)
يقول قد ملأ الأرض مصابه عظماً فكأنه مدفون بكل مكان. وهذا أبلغ ما قيل في تعظيم الميت. ومنه أخذ القائل قوله أخبرنا به أبو أحمد عن ابن الأنباري عن ثعلب عن الرياشي لرجل يرثي عمر بن عبد العزيز وهو عندي من أرثى ما قيل:
(لهفي عليك للهفة من خائف ... كنتَ المجيرَ لهُ وليسَ مجيرُ)
(عمتْ صنائعهُ فعمَ مصابهُ ... فالناسُ فيهِ كلهم مأجورُ)
(فالناسُ مأتمهمْ عليهِ واحدٌ ... في كلَ وادٍ رنةٌ وزفيرُ)
(يثني عليك لسان من لم تولهِ ... خيراً لأنك بالثناءِ جدير)
(ردَّتْ صنائعه إليه حياتَه ... فكأنه من نشرها منشورُ)
والصحيح أن يقول (منشرٌ) لأنه يقال أنشر الله الموتى فنشرواهم. وقالوا أرثى بيت قالته العرب قول المحدث:
(على قبرهِ بينَ القبورِ مهابةٌ ... كما قبلها كانَتْ على صاحبِ القبرِ)