وقالوا بل قول الآخر:
(أرادوا ليخفوا قبرهُ عن عدوهِ ... فطيبُ ترابِ القبرِ دلَ على القبرِ)
وقالوا أرثاه قول ابن مناذر:
(أنعى فتَى الجودِ إلى الجود ... ما مثل من أنعى بموجودِ)
(أنعى فتًى مصَ الثرى بعده ... بقيّة الماءِ من العودِ)
وأخبرنا أبو أحمد قال سمعت محمد بن يحيى قال سمعت محمد بن يزيد يقول لو سئلتُ عن أحسن أبيات تعرف في المراثي لم أختر على أيبات الخريمي:
(ألم ترني أبني على الليث بنيةً ... وأحثي عيلهِ التربَ لا أتخشعُ)
(وأعددته ذُخراً لكلَ ملمةٍ ... وسهمُ المنايا بالذَّخائرِ مُولعُ)
(وأني وإن أظهرتُ مني جلادةً ... وصانعتُ أعدائي عليه لموجعُ)
(ولو شئتُ أن أبكي دماً لبكيتهُ ... عليهِ ولكن ساحةُ الصبرِ أوسع)
وقال أبو عمر بن العلاء أرثى بيت قول عبدة:
(فما كانَ قيسٌ هلكهُ هلك واحدٍ ... ولكنه بُنيانُ قوم تهدَّما)
وقال خلف الأحمر أرثى بيت:
(الآن لما كنتَ أكمل من مشى ... وافتر نابك عن شباة القارح)
(وتكاملت فيك المروءة كلها ... وأعنتَ ذلك بالفعالِ الصالح)
وقال الأصمعي أرثى بيت للعرب:
(ومن عجبٍ أن بتَ مستشعرَ الثّرى ... وزدت بما زودّتني مُتمتعا)
(ولو أنني أنصفُتك الودَ لم أبتْ ... خلافك حتى ننطوي في الثرى معا)
ومن أحسن ما قيل في بقايا آثار الميت قول الحسين بن مطير:
(فتى عيشَ في معروفهِ بعدَ موتهِ ... كما كانَ بعدَ السيلِ مجراه مرتعا)