وكان وجه الكلام أن يقول
(وفي جوفه ذو حفيظة من دارم)
فقال أبو تمام وزاد زيادة أسقط بها بيت الفرزدق حتى صار لا قيمة له معها وهو قوله في ابنين لعبد الله بن طاهر قد ماتا صغيرين في يومٍ واحدٍ:
(نجمانِ شاءَ الله أن لا يطلعا ... إلا ارتدادَ الطرفِ حتى يأفلا)
(إن الفجيعةَ بالرياض نواضراً ... لأجل منها بالرياضِ ذوابلا)
(لو ينسيان لكان هذا غاربا ... للمكرماتِ وكانَ هذا كاهلا)
(لهفي على تلك الشواهدِ فيهما ... لو أمهلتْ حتى تكونَ شمائلا)
(لغدا سكونُهما حِجاً وصباهما ... حِلماً وتلك الأريحيّةُ نائلا)
(إنَّ الهلالَ إذا رأيتَ نموَّهُ ... أيقنتَ أن سيكون بدراً كاملا)
ثم قال يوسيه:
(إن ترزَ في طَرفيْ نهارٍ واحدٍ ... رُزءين هاجا لوعة وبلابلا)
(فالثقل ليس مضاعفاً لمطيةٍ ... إلا إذا ما كان وهماً بازلا)
ثم قال أيضا:
(شمخت خلالك أن بؤسيك مرء ... أو أن تذكّرَ ناسياً أو غافلا)
(إلا مواعظ قادها لك سمحة ... أسجاج لُبِّك سامعاً أو قائلا)
(هل تكلفُ الأيدي بهزّ مُهّندٍ ... إلا إذا كان الحسامُ الفاصلا)
وقالوا ليس للعرب مرثية أجود من قصيدة كعب بن سعد التي يرثي فيها أخاه أبا المغوار ويقول فيها:
(أتى دونَ حلوِ العيشِ حتى أمرهُ ... نكوبٌ على آثارهنَ نُكوبُ)
(هوتْ أمهُ ما يَبعثُ الصبحُ غاديا ... وماذا يؤدِّي الليلُ حينَ يؤوبُ)
(حليمٌ إذا ما الحلم زين أهلَه ... مع العلمِ في عينِ العدوِّ مهيبُ)