وقلت:
(على الرغم من أنف المكارم والعلى ... غدتْ داره قفراً ومغناه بلقعا)
(ألم ترَ أن البأسَ أصبحَ بعدهُ ... أشلَ وأنَ الجودَ أصبحَ أجدعا)
(فمرا على قبرِ المسودِ وانظرا ... إلى المجدِ والعلياءِ كيف تخشعا)
(فإن يكَ واراه الترابُ فكبّرا ... على الجودِ والمعروفِ والفضلِ أربعا)
(ولا تسأما نَوْحاً عليهِ مُكرَّراً ... ونَوحاً لفقدِ العارفاتِ مُرجّعا)
(فما كان قيسٌ هلكهُ هلكُ واحد ... ولكنّه بنيانُ قوم تضعضعا)
(ولا تحسبا أني أواريهِ وحدهُ ... ولكنني واريتهُ والنَّدَى معا)
ومن بارع المراثي قول ديك الجن الحمصي:
(ماتَ حبيبٌ فمات ليثٌ ... وغاضَ بحرٌ وباخَ نجمُ)
(سَمَتْ عيونُ الرَّدَى إليهِ ... وهي إلى المكرماتِ تسمو)
(ما أمك اجتاحتِ المنايا ... كلُ فؤاد عليك أمُّ)
ومما جاء في صفة القبر قول الشاعر:
(ورَسمُ دارٍ مُقفرُ الجنابِ ... يزدادُ عُمراناً على الخرابِ)
وقالوا أصدق ما قيل في صفة الدنيا قول أبي نواس:
(إذا إمتحنَ الدنيا لبيبٌ تكشَّفتْ ... له عن عدوٍ في ثيابِ صديقِ)
وهو مأخوذٌ من قول جرير في وصف النساء:
(دعينَ الهوى ثم ارتمينَ قلوبنا ... بأسهم أعداءٍ وهنَ صديق)
وقالوا بل أصدق ما قيل في صفة الدنيا قول الأول:
(حُتوفها رصدٌ وعيشُها نكدٌ ... وصفوها رتقٌ وملكُها دُوَلُ)
وقلت:
(ما بالُ نفِسك لا تهوَى سلامتَها ... فأنت في عَرَضِ الدنيا ترغبها)
(دارٌ إذا أتتِ الآمالُ تعمُرها ... جاءت مقدمةُ الآجالِ تخرِبها)
(أصبحتَ تطلبُ دنيا لستَ تدركُها ... فكيف تُدركُ أخرى لستَ تطلبها)
ومن جيد ما قيل في الزهد قول ابن المعتز: