للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(نسيرُ إلى الآجال في كلِّ لحظةٍ ... وأيامُنا تطوَى وهنَ مراحلُ)

(ولم أرَ مثلَ الموتِ حقاً كأنه ... إذا ما تخطته الأمانيُّ باطل)

وقلت:

(ألستَ تَرى موتَ العلا والفضائل ... وكيفَ غروبُ النجم بين الجنادلِ)

(فما للمنايا أغفلتْ كلَ ناقصٍ ... ونقبنَ في الآفاقِ عن كلَ فاضل)

(على الرِّغم من أنفِ العُلا سبقَ الرَّدَى ... بكلَ كريمِ الفعلِ حرِ الشمائل)

(على أنَ من أبقتهَ ليسَ بخالدٍ ... وليسَ امرؤٌ يرجو الخلودَ بعاقل)

(رأيتُ المنايا بينَ غادٍ ورائحٍ ... فما للبرايا بينَ ساهٍ وغافل)

(ولم أرَ كالدنيا حبيباً مضرةُ ... ولم أرَ مثلَ الموتِ حقاً كباطلِ)

وقال ابن المعتز:

(كم بدارِ الموتِ من ذي إرْبَة ... عجزتْ منهُ على الموتِ الحِيَلْ)

(ومُلوك بليتْ أيديهم ... ولقد كانت مطايا للقبل)

وقلت:

(فتعجبتُ كيفَ لانحذرُ الموت ... وأنفاسُنا خُطانا إليه)

وقرأت للجاحظ كلاماً مفقود النظير معدوم الشبيه لا أعرف لأحد مثله وهو: أيها المستدل على أمور الدنيا كفاك بها على نفسها دليلاً ويومها لك من غدها تشبيهاً وتمثيلاً تالله لقد أطلعتك بمؤتلفاتها على حدوث تأليفها وأثبتت لك الصانع بآثار صنعته فيها ووقفتك على معرفة كمالها بما توافى فيك من أجزائها ودلتك بتحليل المركبات فيها على انحلال تركيبها. ووقفتك بقطع الشمس والقمر قطرها على إدبارها وانقطاعها فكشف لك انتهاء حدودها عن تناهي أمدها وأبان لك دؤوب اطراد نهارها وليلها وتتابع دوران بروجها ونجومها وتعاقب أزمنة بردها وحرها واعتدالها وحركات نيرانها ورياحها ومياهها أنه مسوقة محثوثة إلى أمدها كما تحث براياها بالأوقات الجارية إلى آجالها. ثم قال وتحدث ما تخوفك به طوارق أحداثها وتوطنك على إيطان جثمانها حدثاً من أحداثها لا تمسك منها بعروة إلا شهدت على أشكالها فأية نصيحة أصدق لك من نصيحتها أوعظة أشفى

<<  <  ج: ص:  >  >>