(كم بدارِ الموتِ من ذي إرْبَة ... عجزتْ منهُ على الموتِ الحِيَلْ)
(ومُلوك بليتْ أيديهم ... ولقد كانت مطايا للقبل)
وقلت:
(فتعجبتُ كيفَ لانحذرُ الموت ... وأنفاسُنا خُطانا إليه)
وقرأت للجاحظ كلاماً مفقود النظير معدوم الشبيه لا أعرف لأحد مثله وهو: أيها المستدل على أمور الدنيا كفاك بها على نفسها دليلاً ويومها لك من غدها تشبيهاً وتمثيلاً تالله لقد أطلعتك بمؤتلفاتها على حدوث تأليفها وأثبتت لك الصانع بآثار صنعته فيها ووقفتك على معرفة كمالها بما توافى فيك من أجزائها ودلتك بتحليل المركبات فيها على انحلال تركيبها. ووقفتك بقطع الشمس والقمر قطرها على إدبارها وانقطاعها فكشف لك انتهاء حدودها عن تناهي أمدها وأبان لك دؤوب اطراد نهارها وليلها وتتابع دوران بروجها ونجومها وتعاقب أزمنة بردها وحرها واعتدالها وحركات نيرانها ورياحها ومياهها أنه مسوقة محثوثة إلى أمدها كما تحث براياها بالأوقات الجارية إلى آجالها. ثم قال وتحدث ما تخوفك به طوارق أحداثها وتوطنك على إيطان جثمانها حدثاً من أحداثها لا تمسك منها بعروة إلا شهدت على أشكالها فأية نصيحة أصدق لك من نصيحتها أوعظة أشفى