(ولا تقل أممٌ شتَّى ولا فرق ... فالأرض من تربةٍ والناس من رجلِ)
وقال بشار بن برد:
(تخاف المنايا إذ ترحلَ صاحبي ... كأنَ المنايا في المقام يناسيه)
أخذه من قول الأعشى:
(وكم مِن رَدٍ أهلَه لم يَرِمْ ... )
والأول أجود سبكاً وأفصحُ لفظاً. وأخبرنا أبو أحمد عن الجوهري عن أبي زيد قال قال أبو الحسن كان خالد بن عبد الله القسري يطعم الأعراب في حطمه أصابتهم في كل يوم يطعم ثلاثين ألف انسان خبزاً وسويقاً وتمراً فقيل لأعرابي لو أتيت خالداً فإنه يطعم الأعراب فقال:
(يقولُ ابنُ حجاج تجهزْ ولا تمت ... هُزالا بحرَّان تعاوى كِلابها)
(فقد خبرَ الركبان أنَ جديدَه ... تباح ورغفانا شباعاً رِغابُها)
(وماء فراتٍ ما اشتهيتُ وقريةَ ... تدبُ دبيبَ النملِ فيك شرابُها)
(فأقسم لا أبتاعُ رُغفانَ خالد ... بأرواحِ نجدٍ ما أقامَ تُرابُها)
(إذا باحت بالعُرمتين وصارةٌ ... رِياح الخزامى حينَ تندى رِحابها)
وأخبرنا أبو أحمد قال حدثنا أبو بكر بن دريد قال حدثنا الفضل بن محمد العلاف قال لما قدم بغاببتي نمير كنت كثيراً ما آتيهم فلا أعدم أن ألقى منهم الفصيح فجئت يوماً إليهم في عقب مطر فإذا شابٌ جميلٌ قد نهكه المرض فليس به حَراك وإذا هو ينشد:
(ألا ياسني برقٍ على قللِ الحمى ... ليهنك من برقٍ عليّ كريمُ)
(لمعتَ اقتداء الطرفِ والقومُ هُجَّع ... فهيجت أسقاماً وأنت سقيمُ)
(فهل من مُعير طرفَ عينٍ خلية ... فإنسانُ طرف العامريّ كليمُ)
(رمى قلَبه البرقُ اليمانيُّ رميةً ... بذكر الحمى وهناً فباتَ يهيم)
قال فقلت إن فيما بك لشغلاً عن الشعر قال صدقت ولكن البرق أنطقني.