الدَّارقُطْنِي أنّه كذاب، ولم يصح هذا, ولكن هذا الأشناني صاحب بلايا. وذكر له من ذلك حديث ابن عبّاس مرفوعًا:"مَاءُ زَمزَم لِمَا شُرِبَ لَهُ" من طريق الدَّارقُطْنِي عنه ثمّ قال: آفته عمر هذا, ولقد أَثم الدَّارقُطْنِي بسكوته عنه، فإنّه بهذا الإسناد باطل، ما رواه ابن عيينة قط، بل المعروف حديث عبد الله بن المؤمَّل عن أبي الزُبَير عن جابر مختصرًا.
قال الحافظ: والذي يغلب على الظن، أنّ المؤلِّف هو الّذي أثِم بتأثيمه الدَّارقُطْنِي، فإن الأشناني لم ينفرد بهذا، بل تابعه عليه في "مستدركه" الحاكم، ولقد عجبت من قول المؤلِّف: ما رواه ابن عيينة قط، مع أنّه رواه عنه الحميدي، وابن أبي عمر، وسعيد بن منصور، وغيرهم من حفاظ أصحابه؛ إِلَّا أنّهم وقفوه على مجاهد، لم يذكروا "ابن عبّاس" وقال في جزء حديث: "ماء زمزم ... ": قلت: بل أخشى أنّ يكون الّذي أثم في هذا الكلام هو الذَّهَبِي، فإنّه تكلم فيه فلم يصب، والدَّارقُطْنِي أجل أنّ يقال في حقه هذا الكلام، فإن عمر بن الحسن لم ينفرد به حتّى يلزم الدَّارقُطْنِي أنّ يشرح حاله ... وليس آفة هذا الحديث من عمر.
قال محدِّث العصر الألباني -رحمه الله تعالى-: أقول: لم يأثم الدَّارقُطْنِي ولا الذَّهَبِي -إن شاء الله- لأنّ كلًّا منهما ذهب إلى ما أداه إليه اجتهاده، وإن كنا نستنكر من الذَّهَبِي إطلاق هذه العبارة في الإمام الدَّارقُطْنِي. وأمّا تعجب الحافظ من الذَّهَبِي، فلست أراه في محله؛ لأنّ الّذي أورده عليه من رواية الحميدي، غير واردة لأنّه مقطوع، وإنكار الذَّهَبِي منصب على الحديث المرفوع الموصول، فهو الّذي نفاه بقوله:"ما رواه ابن عيينة قط "ونفيه هذا لا يزال قائمًا ... ". وقال ابن الملقن: وثقه بعضهم؛ وتكلم فيه آخرون.
ولد ببَغْدَاد في سَنَة تسع وخمسين -أو في سَنَة ستين- ومائتين، ومات يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سَنَة تسع وثلاثين وثلاثمائة.
قال مقيده - عفا الله عنه -: حديث "مَاءُ زَمزَم لمِا شُرِبَ لَهُ" ذكره ابن القطان الفاسي في كتابه "بيان الوهم والإيهام" وذهب إلى أنّ شَيْخ الدَّارقُطْنِي فيه: عمر بن الحسن بن علي بن الجعد الجوهري. وقد وهم -رحم الله تعالى- في ذلك لما تقدّم، والله أعلم.