واحتج به في "الصّحيح". وقال الخَطِيب: كان كثير الحديث، وكان بعض كتبه غرق فاستحدث نسخها من كتاب لم يكن فيه سماعه, فغمزه النَّاس إِلَّا أنَّا لم نر أحدًا امتنع من الرِّواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين الدارقطني، وابن شاهين، وقال ابن كثير: كان ثقة كثير الحديث، ولم يمتنع أحد من الرِّواية عنه، ولا التفتوا إلى ما شغب به بعضهم من الكلام فيه؛ بسبب غرق بعض كتبه حين غرقت القطيعة بالماء الأسود فاستحدث بعضها من نسخ أخر، وهذا ليس بشيء لأنّها قد تكون معارضة على كتبه الّتي غرقت، والله أعلم. وقال الخَطِيب: حُدِّثْتُ عن أبي الحسن بن الفرات قال: كان ابن مالك القطيعي مستورًا صاحب سُنَّة كثير السماع من عبد الله بن أحْمَد وغيره، إِلَّا أنّه خلَّط في آخر عمره، وكف بصره، وخرف، حتّى كان لا يعرف شيئًا ممّا يقرأ عليه. وقد أنكر الذَّهَبِي هذا على ابن الفرات، وقال: هذا غلو وإسراف، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه. وقال ابن الصلاح: اختل في آخر عمره وخرف حتّى كان لا يعرف شيئًا ممّا يقرأ عليه. قال العراقي: في ثبوت هذا عن القطيعي نظر، وهذا القول تبع فيه المصنف مقالة حُكيت عن أبي الحسن بن الفرات لم يثبت إسنادها إليه، ذكرها الخَطِيب في "التَّاريخ" فقال: حُدِّثت عن أبي الحسن بن الفرات ... وعلى تقدير ثبوت ما ذكره ابن الفرات من التغير؛ وتبعه المصنف، فيمن سمع منه في الصِّحَّة الدَّارقُطْنِي، وابن شاهين، والحاكم، والبرقاني، وأبو نعيم، وأبو علي بن المذهب راوي المسند عنه، فإنّه سمعه عليه في سَنَة ستّ وستين والله أعلم.
وقال الحافظ: والحكاية الّتي حكاها ابن الصلاح عن ابن الفرات قد ذكرها الخَطِيب في "تَارِيخه" عنه والعجب من الذَّهَبِي يردّ قول ابن الفرات ثمّ يقول في آخر ترجمة الحسن بن علي التميمي الراوي عن القطيعي ما سيأتي فليتأمل.
قال مقيده - عفا الله عنه -: نصّ كلام الذَّهَبِي المشار إليه: الظّاهر من ابن المذهب أنّه شَيْخ ليس بمتقن، وكذلك شَيْخه ابن مالك، ومن ثمّ وقع في "المسند" أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد، والله أعلم. وقال الحافظ أيضًا: وإنكار الذَّهَبِي على ابن الفرات عجيب فإنّه لم ينفرد بذلك فقد حكى الخَطِيب في ترجمة أحْمَد بن محَمَّد السيبي يقول: قدمت بَغْدَاد وأبو بكر بن مالك حي، وكان مقصودنا درس الفقه والفرائض، فقال لنا