للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجد النساء حواسرًا يندبنه ... يلطمن أوجههن بالأسحار

فد كن يخبأن الوجوه تسترًا ... فاليوم حين برزن لِلنظار (١)

وكانت المرأة في حالة الحرب، إذا اشتملت عليها الوقائع، أو دارت على فريقها الدوائر، وارتقبت من وراء ذلك ذل السباء وعار الإسار، تظهر سافرة حاسرة حتى تلتبس بالإماء، وفي هذا الموطن يقول مُهَلْهِلُ بن ربيعة:

قربا مربط المشهر مني ... سوف تبدو لنا ذواتُ الحجال (٢)

وقال سبرة بن عمر الفقعسى يْعَيِّرُ أعداءه بكشف وجوه نسائهم في الحرب:

ونسوتكم في الرَّوْعِ بادٍ وجوهُها ... يُخَلْنَ إماءً، والإماء حرائر

وهو صريح فيْ أنْ ستر الوجوه وكشفها كان هو الفارق بين الحرائر

والإماء.

وقالي عمرو بن معد يكرب يحكي احتدام حرب من حروبه التي كانت قبل الإسلام:

وبدت لميس كأنها ... بدر السماء إذا تبدى

أي إنها! التجأت لشدة الحرب، وشغلها بالجليل من الأمر إلى كشف وجهها، فظهرت كالبدر، ومعناه أنها كانت تحتجب في عامة أحوالها.

(وهذه حرت الفجار تنشب بين قريش وهوازن بسبب تعرض شباب

من كنانة لامرأة من غمار الناس، راودوها على كشف وجهها، فنادت:

"يا آل عامر" فلبتها سيوف بني عامر) (٣) .

وكان بين نساء الجاهلية من تستر وجهها لِكَلَف أصابه، وفي نحو ذلك ما نقل أبو زيد في نوادره عن أعرابي قيل له:


(١) "المرأة العربية" (١/١٠٧) .
(٢) المشهر: فرس مهلهل والحجال- جمع حجلة- ستور العروس
(٣) المرأة العربية (١/ ٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>