للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما تقول في نساء بني فلان؟ " فقال: "بَرْقِعْ وانظر"، يريد بذلك أن عيونهن خير ما فيهن.

وشبيه ذلك ما حَدَّثَ الراغب (أن أسديًّا قبيح الوجه خطب امرأة قبيحة، فقيل لها: إنه قبيح وقد تعمَّم لك، فقالت: إن كان تَعَمَّم لنا، فإنا قد تبرقعنا له) (١) .

وهذا أعرابي تضايقه البراقع لأنها تحول بينه وبين الحسان، وتخدعه في غير الحسان، فيقول:

جؤى الله البراقع من ثياب ... عن الفتيان شرًا ما بقينا

يوارين الحِسانَ فلا نراها ... ويسترن القباح فتزدهينا (٢)

ثالثا: سفور الوجه

وبين أيدينا أمثلة سائرة مما أرسله العرب تنبئنا أن كشف القناع كان أغلب حالات فتيات العرب (٣) وأمثلها بهن، فمن ذلك قولهم: "تَرَكَ الخِداعَ مَن كَشَفَ القِناع "، يريدون أن الفتاة لا تستر وجهها إلا لشر تؤثر أن تستره، وقولهم فيمن لا يستر عيبه:

"كذات الشيب ليس لها خمار"، فهم لا يرون الخِمار لزامًا إلا لذات الشيب، فإن خليقا بها أن تواريه (٤) .

ولم يكن لحجاب الانتقاب بين نساء العرب نظام شامل، ولا هيئة


(١) "المرأة العربية" (١/ ١٠٤- ١٠٥) .
(٢) "فتح المنعم حاشية زاد المسلم" (١/٣٨٣) .
(٣) ومن ثَمَ قال العلامة محمد بن جزي الكلبي رحمه الله: كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء. اهـ من "التسهيل" (٣/ ١٤٤) .
وقال العلامة أبو حيان رحمه الله: كان دأب الجاهلية أن تخرج المرأة الحرة والأمة مكشوفتي الوجه في درع وخمار) ، وقال أيضَا: الذي كان يبدو منهن في الجاهلية
هو الوجه. اهـ من "البحر المحيط " (٧/ ٢٥٠) .
(٤) "المرأة العربية" (١/ ١٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>