للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار لم أرهما" الحديث، ثم قال: " وذكر هذا من الكبائر ظاهر لما فيه من الوعيد الشديد، لم أر من صرح بذلك، إلا أنه معلوم بالأولى مما مر في تشبههن بالرجال " اهـ (١) .

الشرط الرابع

أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها

وذلك لأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة، ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع! وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة، فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه، ويصوره في أعين الرجال، وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى، فوجب أن يكون واسعا.

وقد قال أسامة بن زيد - رضي الله عنهما -: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: "مالك لا تلبس القبطية قلت: "كسوتها امرأتي فقال: "مُرها فلتجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها" (٢) .

فقد أمر صلى الله عليه وسلم بأن تجعل المرأة تحت القبطية الثخينة كلالة - وهي شعار يلبس تحت الثوب -؛ ليمنع بها وصف بدنها (٣) ، والأمر يفيد الوجوب كما تقرر في الأصول.


(١) "الزواجر" (١/ ١٥٦- ١٥٧) ، وانظر الأحاديث في ذلك ص (١٥٧) .
(٢) أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة" (١/ ٤٤١) ، والإمام أحمد في "المسند" (٥/٢٠٥) ، والطبراني في "الكبير" (١/١٦٠) ، والبيهقي (٢/ ٢٣٤) ،
وابن سعد في "الطبقات" (٤/٦٤- ٦٥) ، ونقل في (الفتح الرباني) عن الهيثمي قوله وفيه عبد الله بن عقيل وحديثه حسن، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات" اهـ (١٧/٣٠١)
(٣) وذلك لأن الثوب - وإن كان ثخينا - قد يصف الجسم إذا كان من طبيعته الليونة والانثناء على الجسد، كبعض الثياب الحريرية والجوخ المعروفة في هذا العصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>