للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ينبغي أن يعلم أن أدلة هذه القاعدة الجليلة كثيرة جدا في الكتاب

والسنة:

فمن أدلة الكتاب قوله تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)) [الحشر: ١٩] ،.

ومنها قوله تعالى: (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)) [الجاثية: ١٨] ،

يخبر تعالى أنه جعل رسوله صلى الله عليه وسلم على شريعة من الأمر شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في "الذين لا يعلمون" كل من خالف شريعته، و"أهواؤهم " ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه: اتباع لما يهوونه، ولذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين لهم في بعض أمورهم، ويسرون بذلك، ويودون أن لو بذلوا مالا عظيمًا ليحصل ذلك.

وقال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (١٦)) [الحديد: ١٦] ،.

قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى: فقوله: "ولا يكونوا" نهي مطلق عن مشابهتهم، وهو خاص أيضا في النهي عن مشابهتهم في قسوة قلوبهم، وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي اهـ (١) .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم في شيء من الأمور الأصلية والفرعية اهـ (٢) .


= هو من نفائس شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى، ويجدر بكل مؤمن
في هذا الزمان أن يتدارسه بإتقان.
(١) "اقتضاء الصراط المستقيم" ص (٤٣) .
(٢) "تفسير القرآن العظيم" (٤/ ٣١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>