قول العلامة أحمد بن محمد شهاب الدين الخفاجي (ت ١٠٦٩ هـ) : قال رحمه الله في "حاشيته على تفسير البيضاوي" شارحا الفقرة السابقة
منه
قوله:(مِن) للتبعيض ... إلخ - وقد قال في "الكشاف": إنه يحتمل وجهين:
أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب، فيكون البعض واحدَا منها،
أو يكون المراد ببعض جزءًا منه بأن ترْخِيَ بعض الجلباب، وفضلَه على وجهها فتتقنَّع به، والتجلبب على الأول لبس الحجاب على البدن كله، وعلى هذا التقنع بستر الرأس والوجه، مع إرخاء الباقي على بقية البدن، وقوله (يُدْنِينَ) يحتمل أن يكون مقول القول، وهو خبر بمعنى الأمر (١) ، أو جواب الأمر على حَدِّ:(قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ) الآية [إبراهيم: ٣١] .
والجلباب إزار واسع يُلْتَحَفُ به، فما قيل: إن النظم (عَلَيْهِنَّ) دون "على وجوههن"، وقد فسره بستر وجوههن وأبدانهن به، فكيف يصح الحمل على التبعيض حينئذ، إذ لا يصح لفظ "البعض" في موضع "مِنْ" إلا أن يبقى بعض من الجلباب غير مستعمل في الوجه والبدن، ليس بشيء، لأن قوله:(عَلَيْهِنَّ) إما على تقدير مضاف أي على رؤوسهن، أو وجوههن، أو على أنه مفهوم منه - وإن لم يقّدَّر-، وأما قوله:"وأبدانهن" فبيان للواقع؛ لأنها إذا أرخت على الوجه بعضَه بقي باقيه على البدن، لكن المأمور به ضم بعض منه لأن به الصيانة، قوله:"عن الإماء والقينات " إما من عطف أحد المترادفين أو المراد بالقينات البغايا، وأما إرادة المغنية فلا وجه له، وقوله:"يميزن" فالمراد بالمعرفة التمييز مجازا لأنه المقصود، ولو
(١) وعليه تكون صيغة المضارع هنا للأمر، وظاهر الأمر الوجوب، بل إن الأمر إذا ورد بصيغة المضارع فإنه يكون آكد في الدلالهَ على الوجوب.