للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهها اهـ (١) .

تنبيه: تحتجب الأمة إذا خيف بها الفتنة:

قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية (ت ٧٢٨ هـ) رحمه الله رحمة واسعة:

وكذلك الأمة إذا كان يخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها، وتحتجب، ووجب غض البصر عنها ومنها، وليس في الكتاب والسنة إباحة النظر إلى عامة الإماء، ولا ترك احتجابهن وإبداء زينتهن، ولكن القرآن لم يأمرهن بها أمر الحرائر، والسنة فرقت بالفعل بينهن وبين الحرائر، ولم يفرق بينهن وبين الحرائر بلفظ عام، بل كانت عادة المؤمنين أن تحتجب منهم الحرائر دون الإماء، واستثنى القرآن من النساء الحرائر القواعد، فلم يُجْعَلْ عليهن احتجاب، واستثنى بعض الرجال وهم غير أولي الإربة، فلم يمنع من إبداء الزينة الخفية لهم لعدم الشهوة في هؤلاء وهؤلاء، فأنْ يستثنى بعض الإماء أولى وأحرى، وهن من كانت الشهوة والفتنة حاصلة بترك احتجابها وإبداء زينتها، وكما أن المحارم أبناء أزواجهن ونحوه ممن فيه شهوة وشغف لم يجز إبداء الزينة الخفية له، فالخطاب خرج عامُّا على العادة، فما خرج عن العادة خرج به عن نظائره، فإذا كان في ظهور الأمة والنظر إليها فتنة، وجب المنع من ذلك كما لو كانت في غير ذلك. اهـ (٢) .

وزعم نفاة الحكمة والتعليل والقياس أن الشريعة قد فرقت بين المتماثلين، وجمعت بين المختلفين، وأيدوا ذلك بأمور: منها أن الشارع حرم النظر إلى العجوز الشوهاء القبيحة المنظر إذا كانت حرة، وجوزه إلى الأمة الشابة البارعة الجمال، وقد انبرى الإمام المحقق شمس الدين محمد


(١) "مدارك التنزيل، وحقائق التأويل" (٣/٧٩) .
(٢) "تفسير سورة النور" ص (٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>