للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن الخطاب فقال: يا سودة أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف

تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفى يده عَرْق - هو العظم إذا أخذ منه معظم اللحم- فدخلت عليه، فقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: "إنه أُذِنَ لَكن أن تخرُجنَ لحاجَتِكُن" (١) .

* قال الشيخ أبو هشام الأنصاري حفظه الله:

"ومقتضى هذا أن سودة لولا طولُ قَدّها لخفيت على الناس، وأن عمر لم يكن عرفها لكونها كاشفة الوجه، بل لطول قدمها وهيئتها التي تميزها عن غيرها، وفي هذا الحديث دليل أيضا أن الحجاب لم يكن مختصُّا بأمهات المؤمنين، وذلك لأن سياق الحديث يدل على أن عمر لم يكن يحب أن تعرف أشخاص أمهات المؤمنين، ولو كان الحجاب مختصُّا بهن لكان أول دليل عليهن، وأول فارق وأعظم هيئة تميزهن عن غيرهن، ولعرفهن كل أحد، وعرف أعيانهن في معظم الأحوال" (٢) اهـ.

واعلم؛ أن غاية ما يؤخذ من هذا الحديث بانفراده هو اشتراك أمهات


= والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع أجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام: "احجب نساءك"، وأكّد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا - ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك، فمنِع منه، وأذِن لهن في الخروج لحاجتهن، دفعا للمشقة، ورفعا للحرج) .
(١) رواه البخاري (١/ ٣٠٠) في الوضوء: باب خروجِ النساء إلى البراز وفي التفسير: في تفسير سورة الأحزاب: باب قوله (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ) ، وفي الاستئذان، باب آية الحجاب، ومسلم رقم (٢١٧٠) في السلام: باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان
(٢) "مجلة الجامعة السلفية".

<<  <  ج: ص:  >  >>