للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: ٥٣] .

وقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٩)) [الأحزاب: ٥٩] ، كل هذه الأوامر بالحجاب إنما نزلت في

سورة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة النبوية، وشاع الحجاب بعدها في المجتمع المسلم بعد نزولها، وقبل الأمر بغض البصر، الذي نزل في سورة النور التي نزلت في السنة السادسة من الهجرة (١) .

ومما يدل على ذلك أيضا قول أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فى قصة الإفك:

"بينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني، فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرت - وفي رواية: فسترت - وجهي بجلبابي" (٢) .

فهذا الحديث يؤكد أن الأمر بغض البصر الوارد في سورة النور متأخر

عن الأمر بالحجاب الذي ورد في سورة الأحزاب التي نزلت في السنة

الخامسة، ثم جاء الأمر بغض البصر في السنة السادسة بعد عام من شيوع الحجاب وامتثال المجتمع الإسلامي للأمر بالحجاب حتى صار هو

القاعدة.

ومن هنا يتضح أن استنباط البعض من الأمر بغض البصر أن وجوه النساء كانت سافرة غير صحيح، بدليل أن الأمر بالحجاب نزل أولَا،

وامتثله نساء المؤمنين، ثم نزل في السنة التي تليها الأمر بغض البصر،


(١) أنظر "عمدة القاري" للعيني (٢٠/ ٢٢٣) .
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>