للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن يغمض عينيه، حتى لا تتسبب بسفورها في معصية النظر المحرمة، ولا يخفى ما فيه.

والثالث: أنها إذا خرجت لحاجتها تغطي هي وجهها منعا لحدوث هذا المنكر الغالب على الظن وقوعه، ولا يخفى أن هذا أيسرها، والله أعلم.

ومن هنا قال بعض العلماء:

نعم، من تحققت من نظر أجنبي لها يلزم ستر وجهها عنه، وإلا كانت معينة له على حرام، فتأثم (١) .

السابع: أن الأمر بغض البصر مطلق، فيشمل كل ما ينبغي أن يُغَضَّ

البصر عنه، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) ولم يبين

الشيء الذي يُغَض عنه البصر، فدل على أن هذا الأمر مطلق فيشمل كل ما

ينبغي غض البصر عنه، سواء أكان ذلك عن المسلمة المحجبة حتى في حالة

احتجابها لشدة حرمتها، ودرءًا للفتنة، أو حينما يظهر شيء من بدنها عفوا

من غير قصد، أو يقصد عند الضرورة أو الحاجة الشرعية، وسواء كان

غض البصر عن الإماء المسلمات السافرات، أو عن نساء أهل الكتاب والسبايا اللائي لا يتحجبن، درءًا للفتنة بهن كذلك.

ومما ينبغي أن نلتفت إليه أن من مقاصد الأمر بغض البصر: أن لا

ينظر الرجل إلى عورة الرجل، وكذلك ألا تنظر المرأة إلى عورة المرأة.

جاء في تفسير قوله تعالى (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) أن حفظ الفروج قسمان:

أحدهما: حفظها عن أي شيء محرم سواء المباشرة كالزنا واللواط وإتيان

الزوجة في الدبر أو المحيض وما إلى ذلك، فيكون موافقا لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧))


(١) "حواشي الشرواني والعبادي" (٦/ ١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>