للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما حديث ابن عباس فليس فيه أن الخثعمية كانت كاشفة وجهها نصا، ومن زعم ذلك فقد أقحم فيه ما ليس في لفظه، وإنما فيه أنها وضيئة وحسناء، والوضاءة والحسن: البياض والجمال مطلقا وهو لا يختص

بعضو دون آخر، كما يصدق هذا النعت والوصف على كل عضو على

انفراده من أعضائها، ومن الجائز أن الفضل لما رأى بياض وجمال بعض

ما بدا منها، بغلبته لها واضطرارها لإظهاره، كسائر النساء إذا ركبن

الدواب أعجبه لشدة بياضه وحسنه.

وقال رحمه الله: ويحتمل أنها كانت كاشفة وجهها أمام الناس، فسكت عنها النبي كسكوته عن الكلام مع الفضل، مكتفيًا بتحويل وجهه عن

النظر إليها لقربه منه، ولم ينكر عليها لحداثة عهدها بالإسلام، كما سكت

عن المرأة التي بايعت على الإسلام وشرط عليها ألا تنوح على ميت،

فقالت: فلانة أسعدتني، وأنا أريد أن أجزيها، فما قال لها شيئَا، ولا أنكر عليها ولا أبى عن مبايعتها لعلمه أنها إذا تمكن الإيمان من قلبها لابد أن

تنقاد لأوامره، وتنتهي عن نواهيه، وتُحرم النياحة.

وقال: "واحتمال آخر قريب هو أن البدويات ومن لم يتعودن ركوب الدواب ولا الأسفار إلا قليلا، يعرض لهن ما يضطرهن إلى كشف بعض ما وجب ستره عليهن، وما اعتدن أن يحجبنه عن الأجنبي" (١) اهـ.

* وقال الشيخ أبو هشام الأنصاري حفظه الله:

"هذا هو النص الذي كثيرًا ما يتوكأ عليه من يتصدى لشق ستور النساء

من علماء هذا الزمان، يتوكأ عليه لإقامة الحجة على جواز السفور، مع أن

هذا الاستدلال لا يتمشى على طريقة الفقهاء المحدثين، فهي واقعة حال لا

عموم لها، يتطرق إليها من الاحتمالات ما لا يتركها كمصدر للدليل،


(١) "أصول السيرة المحمدية" (ص ١٦٥ -١٦٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>