للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياس صحيح ولا مصلحة راجحة.

ومن المصالح ما نص على حكمه الكتاب والسنة، كالعبادات والعقود

والمعاملات، وهذا القسم لم يقتصر نص الشارع فيه على العزائم فقط، بل ما من حكم أحكام العبادات والمعاملات إلا وقد شرع إلى جانبه سبل التيسير فيه:

كالصلاة شرعت أركانها وأحكامها الأساسية، وشرع إلى جانبها أحكام ميسرة لأدائها عند لحوق المشقة كالجمع والقصر والصلاة من جلوس، وكالصوم شرع إلى جانب أحكامه الأساسية رخصة الفطر بالسفر

والمرض، وكالطهارة من النجاسات في الصلاة شرع معها رخصة العفو

عما يشق الاحتراز منه، وحرم الله عز وجل أخذ مال الغير، وأرخص

للمضطر أن يأخذ قدر ضرورته منه.

وأوجب الله سبحانه وتعالى الحجاب على المرأة، ثم نهى عن النظر إلى

الأجنبية، وأرخص في كشف الوجه والنظر إليه عند الخطبة، والعلاج،

والتقاضي، والتعليم، والمعاملة، والإشهاد.

إذن فليس في التيسير الذي شرعه الله سبحانه وتعالى في مقابلة عزائم أحكامه ما يخل بالوفاق مع ضوابط المصلحة، ومعلوم أنه لا يجوز

الاستزادة في التخفيف على ما ورد به النص، كأن يقال: إن مشقة الحرب بالنسبة للجنود تقتضي وضع الصلاة عنهم أو تأخيرها إلى القضاء فيما

بعد أو كأن يقال: إن مشقة التحرز عن الربا في هذا العصر تقتضي جواز التعامل به أو كأن يقال: إن مشقة التزام الحجاب في بعض المجتمعات

تقتضي أن يباح للمرأة التبرج مثلا بدعوى عموم البلوى به

قال ابن نجيم: المشقة والحرج إنما يعتبران في موضع لا نص فيه، وأما

مع النص بخلافه، فلا يجوز التخفيف بالمشقة (١) .


(١) "الأشباه والنظائر" (١/١١٧) ، "رسائل ابن عابدين" (٢/١٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>