للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمه، وآية ذلك ما حَدَّثَ المعرور بن سويد قال: (لقِيتُ أبا ذَر بالربَذَةِ (١٦٠) ، وعليه حُلًةٌ، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببتُ رجلًا، فَعَيرتُه بأمه (١٦١) ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذَر، أعيرتَه بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خَوَلُكم (١٦٢) ، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليُلْبسهُ مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم") (١٦٣) .

ومن مظاهر رفقه صلى الله عليه وسلم ورحمته بالنساء:

ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (استأذن عمرُ على النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يُكَلِّمنَهُ - وفي رواية: يسألنه، ويستكثِرنَه- عاليةً أصواتُهنَّ على صوتِهِ، فلما استأذن عُمَرُ قُمْنَ يبتدِرْنَ الحجابَ، فأذِن له النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل عُمَرُ والنبي يضحك، فقال عمر: (أضحَكَ الله سِنَّكَ (١٦٤) ، بأبي وأمي، قال: "عجبت من هؤلاء اللاتي كُن عندي، فلما سَمِعْنَ صوتَك ابتدرْنَ الحجابَ، قال عمر:


(١٦٠) الربَذَة: موضع بالبادية، بينه وبين المدينة ثلاث مراحل.
(١٦١) زاد البخاري في "الأدب": (وكانت أمه أعجمية فنلت منها"، وفى رواية: "قلت له: يا ابن السوداء".
(١٦٢) الخوَلُ: حشمُ الرجل وأتباعه، واحدهم خائل، وهو مأخوذ من التخويل: التمليك، وقيل: من الرعاية.
(١٦٣) رواه البخاري (١/ ٨٠، ٨١) في الإيمان: باب المعاصي من أمر الجاهلية، وفي العتق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " العبيد إخوانكم فأطعموهم مما تأكلون"، وفي الأدب: باب ما ينهى من السباب واللعن، ومسلم رقم (١٦٦١) في الإيمان: باب إطعام المملوك مما يأكل، وأبو داود، أرقام (٥١٥٧) ، (٥١٥٨) ، (٥١٦١) في الأدب: باب حق المملوك.
(١٦٤) قال الحافظ في "الفتح": (لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك، بل لازمه وهو =

<<  <  ج: ص:  >  >>