للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجب الغيب دون أوليائه وأصفيائه، فلم تطلبه، أو تحاول كشفه، فطويت بذلك صحف الكهان والعرافين، وزواجر الطير، وطوارق الحصى، وأمثال كل أولائك من كل ذي لغو مموه، وظن مُرَجم، وضلالة باطلة (٢٧٧) ، وتبينت أن الأمر كله بيد الله، وأنه وحده مقلب القلوب، ومُحَول الحالات، فلم تحتل على الحب واللقاء، والبرء والشفاء، ومدِّ حبل العُمُر، ورد سهم القدر بتعليق الخرزات والاستقاء بمائها، ولا بقول الرُّقى الشركية وعقد التمائم فلم يكن مفزعها في الأمر كله إلا رجاء طيب في الله وحده، ودعاءٌ صالح يزلفها لديه سبحانه، وبطل ما كانت تعتقد في المعاني التى ألبسها الخيال لَبوسًا من الأشباح المترائية، والخيالات الخرافية، كل كل أولائك محاه الدين، ومحقه العلم الصحيح، وبدد ظلماتِه نُور التوحيد، وهاك طائفة من الآثار في ذلك:

عن قيس بن السكن الأسدي قال: دخل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه على امرأته، فرأى عليها حرزًا من الحُمرَةِ، فقطعة قطعا عنيفا، ثم قال: " إن آل عبد الله عن الشرك أغنياء"، وقال: كان مما حفظنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إِن الرقى، والتمائم، والتولة شرك " (٢٧٨) .


(٢٧٧) انظر: " معارج القبول" (١/٣٣٨-٣٤٣) ، (١/٣٧٥ - ٣٨٥) .
(٢٧٨) أخرجه الحاكم (٤/٢١٧) ، وقال: " صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، ثم الألباني في "الصحيحة" رقم (٣٣١) ، وروى المرفوع منه أبو داود رقم (٣٨٨٣) ، وابن ماجه رقم (٣٥٣٠) ، وابن حبان (١٤١٢) ، والإمام أحمد (١/٣٨١) ، والرقى: هنا غير الشرعية، وهى ما كان فيه الاستعاذة بالجن، أو كانت مما لا يفهم معناها، والتمائم: جمع تميمة، أصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين، ثم توسعوا فيها، فسموا بها كل عوذة، ومثله: تعليق نعل الفرس على باب الدار، أو في صدر المكان، أو تعليق بعض السائقين نعلًا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها، أو الخزر الأزرق على مرآة السيارة لدفع العين زعموا.
والتولة: بكسر التاء وفتح الواو: ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>