وإذا لم يقتنع القاضي أخيرا بالأسباب الداعية إلى الطلاق فماذا يصبح حال الزوجين، هل يبقيان زوجين؟ يبقيان معلقين؟ ولك أن تقدر أضرار كلا الاحتمالين، وأما كونه لا يحد من الطلاق، فهذه أمريكا وألمانيا تجعلان الطلاق بيد القاضي، ومع ذلك فقد كانت نسبة الطلاق في أمريكا منذ سنوات ٤٨% من الزيجات، وكان نسبة الطلاق في ألمانيا منذ سنوات ٣٥% من الزيجات.
تنبيه: لا يعترض ما تقدم آنفا بأن من الرجال من يتعسف، ويتعنت، ويظلم امرأته مستغلا هذا الحق أسوأ استغلال، وذلك لأن كل نظام في الدنيا قابل لأن يساء استعماله، وكل صاحب سلطة عرضة لأن يتجاوزها إذا كان سيء الأخلاق، ضعيف الإيمان، ومع ذلك فلا يخطر في البال أن تلغي الأنظمة الصالحة لأن بعض الناس يسيئون استعمالها، أو أن لا تعطي لأحد من الأمة أية صلاحية لأن بعض أصحاب الصلاحيات تجاوزوا حدودها.
إن الإسلام أقام دعامته الأولى في أنظمته على يقظة الضمير المسلم، واستقامته، ومراقبته لربه، وسلك في سبيل تحقيق ذلك أقوم السبل، وإذا رجعنا إلى قاعدة الترجيح بين المصالح والمفاسد، لرأينا أننا لو قارنا بين حسنات إعطاء الرجل حق إيقاع الطلاق بسيئات نزع هذا الحق منه، أو إشراك غيره معه فيه، رجحت كفة الحسنات على السيئات كثيرَا، وهذا كافٍ في الترجيح. (٣٢٧)
ومنها: أن دية المرأة التي قتلت خطأ أو التي لم يستوجب قتلها عقوبة
(٣٢٧) راجع تفصيل القضية في (المرأة بين الفقه والقانون) للدكتور "مصطفى السباعي" رحمه الله ص (١٢٢ -١٤٧) .