فلو كان لأحد أن يتزوج بدون صداق، لكان التسامح مع الفقير الذي لم يجد ولا خاتمًا من حديد، ليتزوج المرأة، مما اضطره الحال إلى أن يدفع صداقًا إزارَهُ، ولم يكن له رداء كما قال سهل رضي الله عنه.
وأما الإجماع: فقد ثبتث مشروعية الصداق في النكاح بالإجماع، ولم يخالف فيها أحد من المسلمين، كما ذكره ابن قدامة في "المغني"(٦٩٥) .
ويستحب أن لا يعري النكاح عن تسمية الصداق، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج أحدًا من نسائه رضي الله عنهن، ولا زوج أحدَا من بناته رضي الله عنهن إلا بِصَداقٍ سماه في العقد، ولأن تسمية المهر في العقد أدفع للخصومة، وأبعد عن النزاع.
عر أن ذكر المهر ليس شرطا ولا ركنا في العقد، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، ولذا اغتفر فيه الجهل اليسير، والغرر الذي يرجَى زَوالُه، فإن لم يُسَمَّ المهر في العقد صح بالإجماع - مع الكراهة - على أن يسمي لها مهر بعد العقد، أو يكون لها مهر المثل في ذمة الزوج، ودليل صحة العقد قوله تعالى:(لا جناح عليكم إذا طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة)(البقرة: ٢٣٦) ، فرفَعَ الله الجناح عمن طَلق في نكاح لا تسمية فيه، والطلاق لا يكون إلا بعد النكاح الصحيح، فدل على جواز النكاح بلا تسمية مهر.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل:" أترضى أن أزوجك من فلانة؟ "، قال:" نعم "، وقال للمرأة:" أترضَيْنَ أن أزوجك فلانا؟ " قالت: " نعم"، فزوج أحدَهما صاحبَه،