للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول للرجل إذا وُلدت له بنت: " هنيئا لك النافجة"، أي المعظِّمة لمالك، وذلك أنه يزوجها، فيأخذ مهرها من الإبل، فيضمها إلى إبله، فينفجها، أي يرفعها، ويكثِّرها (٦٩٨) .

والمهر عطية فرضها الله للمرأة: ليست مقابل شيء يجب عليها بذله إلا الوفاء بحقوق الزوجية، كما أنها لا تقبل الإسقاط - ولو رضيت المرأة - إلا بعد العقد، وهذه الآية تعلن على الملأ: (وآتوا النساء صدقاتهن (٦٩٩) نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا) .

وقيل في قوله تعالى: (نِحلة) : فريضة، أي أعطوهن مهورهن حال كونها فريضةً من الله تعالى لهن، وقيل: هبة وعطية، قال ابن


(٦٩٨) " لسان العرب" لابن منظور (٦/٤٤٩٢) مادة " نفج".
(٦٩٩) قوله تعالى: (صَدُقاتهن) أضاف " صدقات " إليهن إضافة تمليك، وهذا يدل على أن المهر ملك للمرأة، ولا يجوز لأحد سواها، سواء كان أباها أو غيره أن يتصرف فيه أو يأخذه، قال علامة القصيم عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسير الآية: (وفيه أن المهر يدفع إلى المرأة إذا كانت مكلفة، وأنها تملكه بالعقد لأنه أضافه إليها، والإضافة تقتضي التمليك، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء غير ما طابت به) اهـ. من " تيسير الكريم الرحمن" (٢/٩) ، وانظر: " نيل الأوطار" (٦/٢٥٨) ، أما قول الرجل الصالح لموسى عليه السلام: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) (القصص: ٢٧) ففيه مواعدة، ومواصفة أمر قد عُزِم عليه، وهو إنكاحه إحدى ابنتيه مقابل مهر معلوم، هو أجر عمل ثماني حجج، على أن يكون المهر حقا خالصا للزوجة لا لأبيها، ومن ثم قال الزمخشري في تفسير هذه الآية: (ويجوز أن يستأجره لرعيه ثماني سنين بمبلغ معلوم، ويوفيه إياه، ثم ينكحه ابنته) ، وربما كان هذا من باب اختلاف الشرائع في مواجب النكاح، كما في " روح المعاني " (٢٠/٦٩) ، ولهذا قال الصنعاني في " سبل السلام": (وكان الصداق في شرع من قبلنا للأولياء) اهـ. (٣/١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>