للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنباري: " كانت العرب في الجاهلية لا تعطي النساء شيئًا من مهورهن، فلما فرض الله لهن المهر كان نحلة من الله، أي هبة للنساء، فرضًا على الرجال " (٧٠٠) .

وقال القاضي أبو يعلى: (وقيل: إنما سمى المهر نحلة لأن الزوج لا يملك بدله شيئًا، لأن البضع بعد النكاح في مِلك المرأة، ألا ترى أنها لو وطئت بشبهة كان المهر لها دون الزوج، وإنما الذي يستحقه الزوج الاستباحة، لا الملك) (٧٠١) .

قال الألوسي: (فإن قلت: " إن النحلة أخذت في مفهومها أيضا عدم العوض، فكيف يكون المهر بلا عوض وهو في مقابلة البضع والتمتع به؟ "، أجيب: " بأنه لما كان للزوجة في الجماع مثل ما للزوج أو أزيد، وتزيد عليه بوجوب النفقة والكسوة كان المهر مجانا لمقابلة التمتع بأكثر منه " (٧٠٢) اهـ.

وقيل: النحلة: العطية بطيب نفس، أي: " لا تعطونهن مهورهن وأنتم كارهون "، وقيل: النحلة: الديانة، أي: آتوهن صدقاتهن ديانةً. والحاصل أن المهر حق مفروض للمرأة، فرضته لها الشريعة ليكون تعبيرًا عن رغبة الرجل فيها، ورمزَا لتكريمها وإعزازها، وقد صرح الفقهاء بقولهم:

(المهر فُرضَ شرعَا لإظهار خطَرِ المحل)

ولقد حرست الشريعة هذا الحق للمرأة، فَحَرمَت على أي إنسان أكلَه أو التصرفَ فيه بغير إذنها الكامل ورضاها الحقيقي، قال تعالى: (فإن


(٧٠٠) ، (٧٠١) " زاد المسير" (٢/١١) .
(٧٠٢) " روح المعاني" (٤/١٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>