للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طِبنَ لكم عن شيء منه نفسًا) أي من غير إكراه ولا إلجاء بسبب سوء العشرة ولا إخجال بالخلابة والخديعة (فكلوه هنيئًا مريئا) أي سائغا لا غصص فيه ولا تنغيص، فإذا طلب منها شيئًا فحملها الخجل أو الخوف على إعطائه ما طلب فلا يحل له، وعلامات الرضا وطيب النفس لا تخفى، وقد روى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل مال امرىء مسلم إلا بطيب نفس منه " (٧٠٣) .

قال الألوسي: (والمعنى: فإن وهبن لكم شيئا من الصداق متجافيًا عن نفوسهن طيبات غير مخبثات بما يضطرهن إلى البذل من شكاسة أخلاقكم وسوء معاملتكم، وإنما أوثر ما في النظم الكريم دون " فإن وهبن لكم شيئا منه عن طيب نفس" إيذانًا بأن العمدة في الأمر طيب النفس وتجافيها عن الموهوب بالمرة، حيث جعل ذلك مبتدأ، وركنا من الكلام لا فضلة، كما في التركيب المفروض) (٧٠٤) .

(وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن ناسا كانوا يتأثمون أن يرجع أحدهم في شيء مما ساقه إلى امرأته فنزلت هذه الآية، وفيها دليل على ضيق المسلك في ذلك، ووجوب الاحتياط حيث بنى الشرط على طيب النفس، وقلما يتحقق) (٧٠٥) اهـ.

إن المهر - قلَّ أو كثر - حق للمرأة، في مقابل الميثاق الغليظ،


(٧٠٣) رواه من حديث عم أبي حرة الرقاشي الدارقطني (٣/٢٦) ، وأحمد (٥/٧٢) ، والبيهقي (٦/١٠٠) ، ومن حديث أبي حميد الساعدي الإمام أحمد (٥/٤٢٥) ، وابن حبان (١١٦٦) ، ومن حديث عمرو بن يثربي الدارقطني (٣/٢٦) ، والبيهقي (٦/٩٧) والإمام أحمد (٣/٤٢٣، ٥/١١٣) ، ومن حديث ابن عباس: البيهقي، والحديث صححه الألباني في " إرواء الغليل" (٥/٢٧٩) .
(٧٠٤) "روح المعاني" (٤/١٩٩) .
(٧٠٥) " السابق" (٤/٢٠٠) ، وانظر: " الكشاف " للزمخشري (١/٣٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>