للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظًا) (النساء: ٢١) ، والميثاق الغليظ: هو حق الصحبة والمعاشرة، والإمساك بمعروف، أو التسريح بإحسان.

ولقد حرص التشريع الحكيم على حماية حق المرأة في تملكها للمهر، وتوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من يضيع هذا الحق بأشد الوعيد: فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوجَ امرأة؛ فلما قضى حاجتَهُ منها طلقَها، وذهب بمهرها، ورجل استعمل رجلًا فذهبَ بأجرته، وآخَرُ يقتل دابَّة عَبَثَا " (٧٠٦) .

والمرأة لا تفقد مهرها الا في حالة واحدة فقط، هي حالة الخُلْع، وهو طلبها مفارقة الزوج مقابل مال تبذله له، وذلك جائز إذا تم مخافة أن تقيم حدود الله في زوجها بسبب كراهية تؤدي إلى تضييع حقوق الزوج، وحُسْن معاشرته (٧٠٧) ، وإذا كان عارض الكراهية من قبل الرجل، بغير ذنب منها، وخشي ألا يعاملها بما يجب بالمعروف، فله أن يُسَرحَها بإحسان، لأن عقدة الزوجية بيده، وليس له في هذه الحالة أن يأخذ مما أعطاها شيئا، بل يعطيها حقوقها كاملة لقول الله عز وجل: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارَا فلا تأخذوا منه شيئا)


(٧٠٦) رواه الحاكم (٢/١٨٢) ، وقال: " صحيح على شرط البخاري"، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في " الصحيحة" رقم (٩٩٩) .
(٧٠٧) وأول خلع وقع في الإسلام حين جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: " يا رسول الله إني لا أعتب على ثابت بن قيس في دين ولا خلق، ولكني لا أطبقه "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتردين عليه حديقته؟ "، قالت: " نعم "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة "، رواه البخاري، وانظر: " فتح الباري" (٩/٣٢٥) ط. السلفية، باب الخلع.

<<  <  ج: ص:  >  >>