للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية (النساء: ٢١) .

ومن يُسْرِ الإسلام وسماحته، وتشجيعه على الزواج، ورفعه الحرجَ عن الأمة أنه شرع لمن لم يجد مالًا حالا أن يتزوج بمهر مؤجل، قال الفقهاء رحمهم الله: " يصح كونُ المهر مُعَجَّلا أو مُؤجَّلاً، كله أو بعضه، إلى أجل قرِيب أو بعيد، أو أقرب الأجلين (٧٠٨) : الطلاق، أو الوفاة " (٧٠٩) .

والأوْلى الموافق لفعل السلف الصالح رضي الله عنهم تعجيل المهر كله بعد تيسيره، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " التمس ولو خاتمًا من حديد "، ولم يُزَوجْه بمؤخر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

(ويكره للرجل أن يصدق المرأة صداقا يَضُرُّ به إن نقَدَه، ويعجز عن وَفائه إن كان دَينًا ... ، وإذا أصدقها دينًا كثيرًا في ذمته، وهو ينوي أن لا يعطيها إياه كان ذلك حرامًا عليه..

وما يفعله أهل الجفاء والخيلاء والرياء من تكثير المهر للرياء


(٧٠٨) وعلى ذلك جرى العرف في بلاد المسلمين، وكل ما سبق الاستدلال به على صحة العقد بدون تسمية مهر يصح الاستدلال به على تأجيله، بل أوْلى، لأن زواج المرأة بمهر معلوم مؤجل خير لها من أن تتزوج بدون تسمية صداق، وكلا الأمرين جائز، وربما كان لها في التأجيل مصلحة، فإنه في حالة الفراق قد تكون في حاجة إلى المبلغ المؤجل، لتستعين به على نوائب الدهر.
(٧٠٩) فإذا طلقها وجب عليه أن يدفع مَا لَها بذمته من المهر المؤجل، ونفقة عدة الطلاق، وإذا مات عنها كان مهرها المؤجل دينًا في التركة، يبدأ بأدائه بعد تجهيزه ودفنه، وقبل تنفيذ وصيته، لأنه حق ثابت في ذمة المتوفي كالديون الأخرى، فإذا ماتت قبله فهو ميراث متروك عنها لمن يرثها، وزَوْجُها من جملتهم، وله النصف إذا لم يكن لها ولد مطلقًا منه أو من زوج آخر قبله، والربع إذا كان لها ولد منه أو من زوج آخر قبله، والباقي لبقية الورثة الأقرب فالأقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>