للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (إن هند بنت عُتْبة قالت: " يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يُعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم"، فقال: (خذي ما يكفيك وولدَك بالمعروف" (٧٤٩)) .

قال ابن قدامة رحمه الله: (وفيه دلالة على وجوب النفقة لها على زوجها (٧٥٠) ، وأن ذلك مقدر بكفايتها، وأن نفقة ولده عليه دونها بقدر كفايتهم، وأن ذلك بالمعروف، وأن لها أن تأخذ ذلك بنفسها، من غير


(٧٤٩) رواه البخاري (٥/١٠٧) ط. السلفية، في المظالم: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، وفي النفقات، والإيمان، والأحكام، ومسلم رقم (١٧١٤) في الأقضية: باب قضية هند، والنسائي (٨/٢٤٦ - ٢٤٧) ، وابن ماجه (٢٢٩٣) ، والإمام أحمد (٦/٣٩، ٥٠، ٢٠٦) ، والدارمي (٢/١٥٩) ، والبيهقي (٧/٤٦٦) ، والبغوي (٨/٢٠٦ -٢٠٧) .
طريفة: من طرائف ما يروى في بخل الرجل وشدة محاسبة أهله ما حكاه ابن الجوزي رحمه الله في كتابه (الأذكياء) من (أن المغيرة بن شعبة وفتى من العرب خطبا امرأة، وكان الفتى جميلا، فأرسلت إليهما المرأة، فقالت: " إنكما قد خطبتماني، ولست أجيب أحدا منكما، دون أن أراه، وأسمع كلامه، فاحضرا إن شئتما "، فحضرا، فأجلستهما بحيث تراهما، وتسمع كلامهما، فلما رأى المغيرة الفتى وحسن هيئته يئس منها وعلم أنها لن تؤثره عليه، فأقبل على الفتى - وقد فكر في مخرج - فقال له: " لقد أوتيت جمالًا وحسنا وبيانا، فهل عندك سوى ذلك "؟ قال: " نعم"، فعدد محاسنه، ثم سكت، فقال له المغيرة؟ " كيف حسابك؟ " فال: " ما يسقط علي منه شي، وإني لأستدرك منه أدق من الخردلة! "، فقال له المغيرة: " لكنني أضع البدرة- والبدرة كيس يكون فيه ألف، أو عشرة آلاف درهم، أو سبعة آلاف دينار- في زاوية البيت، فينفقها أهلي على ما يريدون، فما أعلم بنفادها، حتى يسألوني غيرها "، فقالت المرأة في نفسها: " والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني أحب إلي من هذا الذي يحصي علي مثل صغير الخردلة "، فتزوجت المغيرة) اهـ.
(٧٥٠) ووجهه أنه لو لم تكن النفقة واجبة، لم يحتمل أن يأذن لها بالأخذ من غير إذنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>