للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: " والبكر تستأذن"، وهم لا يوجبون استئذانها؛ بل قالوا: هو مستحب (٧٩٧) ، حتى طرد بعضهم قياسه؛ وقالوا: " لما كان مستحبا اكتفي فيه بالسكوت"، وادعي أنه حيث يجب استئذان البكر، فلابد من النطق، وهذا قاله بعض أصحاب الشافعي وأحمد.

وهذا مخالف لإجماع المسلمين قبلهم؟ ولنصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه قد ثبت بالسنة الصحيحة المستفيضة؛ واتفاق الأئمة قبل هؤلاء أنه إذا زوج البكر أخوها أو عمها فإنه يستأذنها، وإذنها صماتها.


= أحدهما: لا يكون إذنا لأن الصمات عدم الإذن، فلا يكون إذنا، ولأنه محتمل للرضى والحياء وغيرهما، فلا يكون إذنا كما في حق الثيب، وإنما اكتفي به في حق الأب لأن رضاءها غير معتبر "، وهذا شذوذ عن أهل العلم وترك للسنة الصحيحة الصريحة، يصان الشافعي عن إضافته إليه، وجعله مذهبا له مع كونه من أتبع الناس لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعرج منصف على هذا القول) اهـ من " المغني" (٦/٤٩٣) ، وقال الحافظ ابن حجر: (وخص بعض الشافعية الاكتفاء بسكوت البكر البالغ بالنسبة إلى الأب والجد دون غيرهما، لأنها تستحيي منهما أكثر من غيرهما، والصحيح الذي عليه الجمهور استعمال الحديث في جميع الأبكار لجميع الأولياء) اهـ من " الفتح" (٩/١٩٣) ، وانظر: " المجموع شرح المهذب" (١٥/٥٥، ٥٨) ، " بداية المجتهد" (٢/٥) .
(٧٩٧) قال ابن قدامة رحمه الله: " لا نعلم خلافا في استحباب استئذانها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر به، ونهى عن النكاح بدونه، وأقل أحوال ذلك: الاستحباب، ولأن فيه تطييب قلبها، وخروجا من الخلاف، وقالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم تستأمر"، وقال: " استأمروا النساء في أبضاعهن، فإن البكر تستحيي فتسكت، فهو إذنها" متفق عليهما، ورُوي عن عطاء قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يستأمر بناته إذا أنكحهن، قال: كان يجلس عند خدر المخطوبة، فيقول: " إن فلانا يذكر فلانة" فإن حركت الخدر لم يزوجها، وإن سكتت زوجها) اهـ من " المغني" (٦/ ٤٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>