للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أخرى للبخاري: (فحَمِيَ (٨٢٤) معقل من ذلك أنفا (٨٢٥) ، وقال: خلا عنها، وهو يقدر عليها، ثم يخطبها؟ فحال بينه وبينها، فأنزل الله هذه الآية، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ عليه، فترك الحَمِيةَ، واستقاد لأمر الله عز وجل) (٨٢٦) .

قال الشافعي رحمه الله تعالى: (وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقًّا، وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رَضِيَتْ أن


أكرمتُك بها وزوجتكها، فطلقتها! والله لا ترجع إليك أبدا آخر ما عليك، قال: فعلم الله حاجته إليها، وحاجتها إلى بعلها، فأنزل الله تبارك وتعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن - إلى قوله - وأنتم لا تعلمون) ، فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة، ثم دعاه، فقال: " أزوجُك وَأكرمُك") قال الترمذي: (هذا حديث صحيح، وقد روي من غير وجه عن الحسن، ثم قال: وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا يجوز النكاح بغير ولي، لأن أخت معقل بن يسار كانت ثيبا، فلو كان الأمر إليها دون وليها لزوجت نفسها، ولم تحتج إلى وليها معقل ابن يسار، وإنما خاطب الله في هذه الآية الأولياء، فقال: (ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) ففي هذه الآية دلالة على أن الأمر إلى الأولياء في التزويج مع رضاهن) اهـ.
(٨٢٤) حَمِيَ: أي أخذته الحمية، وهي الأنفَة والغيرة.
(٨٢٥) بفتح الهمزة والنون منون، أي ترك الفعل غيظا وترفعا.
(٨٢٦) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (وفي حديث معقل أن الولي إذا عضل لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره بالرجوع عن العضل، فإن أجاب فذاك، وإن أصر زوج عليه الحاكم، والله أعلم) اهـ. من " الفتح" (٩/١٨٨) ، وقد ذكر سماحة العلامة عبد العزيز بن باز حفظه الله صورة من صور العضل المبنية على الحمية، حيث قال رحمه الله: (ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنة العم ومنعها من التزويج من غيره، وهذا منكر عظيم، وسنة جاهلية، وظلم للنساء، وقد وقع بسببه فتن كثيرة، وشرور عظيمة من شحناء، وقطيعة رحم، وسفك دماء، وغير ذلك) اهـ. من رسالة بعنوان: " نصيحة وتنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع".

<<  <  ج: ص:  >  >>