(رُوي أن ابن أبي عُذرة الدؤلي - أيام خلافة عمر رضي الله عنه - كان يخلع النساء اللائي يتزوج بهن، فطارت له في النساء من ذلك أحدوثة يكرهها، فلما علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الأرقم حتى أتى به إلى منزله، ثم قال لامرأته:
- أنشدك بالله هل تبغضينني؟
قالت: لا تنشدني بالله.
قال: فإني أنشدك بالله.
قالت: نعم.
فقال لابن الأرقم: أتسمع؟
ثم انطلقا حتى أتيا عمر رضي الله عنه، فقال: (إنكم لَتَحَدَّثُونَ أني أظلم النساء، وأخلعهن، فاسأل ابن الأرقم، فسأله فأخبره، فأرسل إلى امرأة ابن أبي عذرة، فجاءت هي وعمها، فقال: أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه؟ "،
فقالت: إني أول من تاب، وراجع أمر الله تعالى، إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب، أفأكذب يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم فاكذبي، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب) (٩٥٦) .
فمع غلظ تحريم الكذب، وتشديد الشرع فيه، غير أنه أباح طرفًا منه ليستصلح الرجل زوجته، ويستطيب نفسها: فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا، أو يقول خيرا "، قالت: " ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: يعني الحرب، والإصلاح بين الناس،