للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كانت الصلاة أسمى أنواع العبادات، والسجود فيها ذروتها، فقد اعتبر الشرع مكانة الزوج بالنسبة لزوجته أنها بمستوى سجودها له، وكاد أن يأمرها بالسجود له لولا أنه لا ينبغي السجود لغير الله سبحانه وتعالى. (وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا من حوائط الأنصار، فإذا فيه جملان يضربان ويرعدان، فاقترب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما، فوضعا جرَانهما (١٠٤٧) بالأرض، فقال من معه: " نسجد لك؟ " فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لما عظم الله عليها من حقه " (١٠٤٨) ، وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال: " لو كنت آمِرًا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها، حتى تؤدي حق زوجها كلَّه، حتى لو سألها نفسها وهي على قَتَب لم تمنعه " (١٠٤٩) .


(١٠٤٧) الجرَان: باطن العتق، أي أنهما بركا ومدا عنقهما على الأرض. " النهاية" (١/٢٦٣) .
(١٠٤٨) أخرجه الترمذي (١/٢١٧) ، وابن حبان (١٢٩١ - موارد) - واللفظ له - والبيهقي (٧/ ٢٩١) ، وقال الترمذي: " حسن غريب "، وقال الألباني: " وهو كما قال "، انظر: " الإرواء " (٧/٥٤) .
(١٠٤٩) وسبب ورود هذا الحديث أن (معاذًا رضي الله عنه لما قدم من الشام، سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: " ما هذا يا معاذ؟ ! " قال: " أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فلا تفعلوا، فإني لو كنت آمرًا.. " فذكر الحديث، أخرجه الإمام أحمد (٤/٣٨١) ، وابن ماجه (١٨٥٣) (١/٥٧٠) ، وابن حبان (١٢٩٠ - موارد) ، والبيهقي (٧/٢٩٢) ، وحسنه الألباني في " صحيح الجامع" (٥/٦٩) ، وراجع الحاشية رقم (٦٢٧) .
وقال ابن الأثير في " النهاية": (القَتَب للجمل كالإكاف لغيره، ومعناه - أي الحديث - الحث لهن على مطاوعة أزواجهن، وأنه لا يَسَعُهُن الامتناع في هذه =

<<  <  ج: ص:  >  >>