للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتأمل كيف أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم جابرا رضي الله عنه على نظرته التربوية في اختياره زوجة تنجز بعض المهام التربوية لأخواته الصغار، أليس بالأحرى أن تعين زوجها على بر والديه، والإحسان إلى أبنائه من غيرها؟

قال ابن بطال: (وعون المرأة زوجها في ولده ليس بواجب عليها، وإنما هو من جميل العشرة، ومن شيمة صالحات النساء) (١٢٥٣) اهـ.

١٥- ومن حقه عليها: أن تتجنب الغيرة المذمومة:

توجد الغيرة في غالب النساء، غير أن منها ما هو مذموم، ومنها ما هو محمود: [فالمذموم منها تلك التي تتأجَّجُ في صدر صاحبتها نارا تُشعِلُ جيوش الظنون والشكوك كلُّ آن، فتحيلَ حياة الأسرة جحيمَا لا يطاق:

- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قالوا: (يا رسول الله، الا تتزوج من نساء الأنصار؟ " قال: " إن فيهن لغيرةً شديدة " (١٢٥٤) .

- ولذلك لم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سَلَمة رضي الله عنها، إلا بعد أن دعا أن يذهِبَ الله غيرتها، عن أمَ سلمة قالت: لمّا توفيَ أبو سلمة، استرجعتُ، وقلت: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلفني خيرا منه، ثم رجعت إلى نفسي، قلت: من أين لي خير من أبي سلمة؟ فلما انقضت عِدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أدبغُ إهابَا لي، فغلست يدي من القَرَظِ (ما يُدبَغ به) وأذِنتُ له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته، قلت: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة فِي، ولكني امرأة في غَيْرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئًا يُعذِّبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السنُّ، وأنا


(١٢٥٣) "فتح الباري" (٩/٥١٣) : باب عون المرأة زوجها في ولده.
(١٢٥٤) رواه النسائي (٦/٦٩) في النكاح، وقال الأرناؤوط في " تحقيق جامع الأصول" (إسناده صحيح) اهـ. (١١/٥٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>