للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قتل فيها مسيلمة، وأبلت بلاء حسنًا -وكانت قد أصبحت مسنة- حتى قطعت يدها وهي تحاول قتل مسيلمة، وجُرِحت سوى يدها أحدَ عَشر جرحًا، ثم عادت من المعركة بيد واحدة، والدم ينزف، وكان أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها، واستمر جرحها ينزف دمًا حتى فارقت الحياة، وأدركتها الوفاة رضي الله عنها) (١٣٤٢) .

[بعد الانسحاب الرائع لخالد بن الوليد من سرية مؤتة والذي أنقذ به جيشه من فناء محقق، لم يكد خالد بن الوليد رضي الله عنه يعود بجيشه، إلى ضواحي المدينة بـ (الجرف) حتى اصطدم بأهل المدينة يصيحون بالجيش: " يا فرار يا فرار، فررتم في سبيل الله "، ويحثون في وجوههم التراب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " ليسوا بفرَّار، ولكنهم كُرَّار إن شاء الله".

ورغم ذلك ظل أهل المدينة حانقين على الجيش يؤنبون كل من لاقوه من أفراده حتى المرأة كانت لا تفتح الباب لزوجها منهم، وتذكره بأنه من الذين فروا؛ وفضلوا الحياة على الاستشهاد في سبيل الله:

فقد روي عن أبي بكر بن عبد الله بن عتبة أنه كان يقول: (ما لقي جيش بعثوا معنا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقيهم أهل المدينة بالشر، حتى إن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله، فيدق عليهم الباب، فيأبون أن يفتحوا له، يقولون: " ألا تقدمت مع أصحابك؟ ") يعنى الذين استشهدوا] (١٣٤٣) .

وفي وقعة اليرموك حرض أبو سفيان رضي الله عنه النساء، فقال: " من رأيتنه فارًّا فاضرِبْنه بهذه الأحجار والعصي حتى يرجع " (١٣٤٤) ،


(١٣٤٢) " الطبقات" (٨/٣٠٤) ، و " سير أعلام النبلاء " (٢/٢٨١) .
(١٣٤٣) انظر: " البداية والنهاية " (٤/ ٢٤١) ، و "غزوة مؤتة" لمحمد أحمد باشميل ص (٣٣٠ - ٣٣١) .
(١٣٤٤) " البداية والنهاية " (٧/١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>