للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسعة من الروم " (١٣٤٨) ، قال الزبير بن العوام رضي الله عنه: " وحمل المسلمون حملة منكرة لا يريدون غير رضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم " فانكسر الروم) (١٣٤٩) .

ويُروى أنه لما أسر ضرار بن الأزور في وقعة أجنادين سار خالد بن الوليد في طليعة من جنده لاستنقاذه، فبينا هو في الطريق، مَرَّ به فارس معتقل رمحه، لا يبين منه إلا الحَدق، وهو يقذف بنفسه، ولا يلوي على ما وراءه، فلما نظر خالد قال: " ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم الله إنه لفارس "، ثم اتبعه خالد والناس من ورائه، حتى أدرك جند الروم، فحمل عليهم"، أمعن بين صفوفهم، وصاح بين جوانبهم، حتى زعزع كتائبهم، وحطم مواكبهم، فلم تكن غير جولة جائل، حتى خرج وسنانه ملطخ بالدماء، وقد قتل رجالا، وجندل أبطالًا، ثم عرض نفسه للموت ثانية، فاخترق صفوف القوم غير مكترث، وخامر المسلمين من القلق والإشفاق عليه شيء كثير، وظنه أناس خالدًا، حتى إذا قدم خالد قال له رافع بن عميرة: " من الفارس الذي تقدم أمامك؟ فلقد بذل نفسه ومهجته "، فقال خالد: والله لأنا أشد إنكارًا وإعجابًا لما ظهر من خلاله وشمائله، وبينا القوم في حديثهم، خرج الفارس كأنه الشهاب الثاقب، والخيل تعدو في أثره، وكلما اقترب أحد منه ألوى عليه، فأنهل رمحه من صدره، حتى قدم على المسلمين، فأحاطوا به وناشدوه كشف اسمه، ورفع لثامه، وناشده ذلك خالد، وهو أمير القوم وقائدهم، فلم يحر جوابًا، فلما أكثر خالد أجابه وهو ملثم فقال: " أيها الأمير إني لم أعرض عنك إلا حياءً منك، لأنك أمير جليل، وأنا من ذوات الخدور، وبنات الستور، وإنما


(١٣٤٨) " سير أعلام النبلاء" (٢/٢٩٧) .
(١٣٤٩) "فتوح الشام" (١/١٢٧ - ١٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>