للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ ذَا الشَّرَفِ إِذَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ التَّقْوَى، كَانَ تَقْوَاهُ أَكْمَلَ مِنْ تَقْوَى غَيْرِهِ. كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا عَدَلَ كَانَ عَدْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ عَدْلِ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ. ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَصَدَ الْخَيْرَ قَصْدًا جَازِمًا (١) ، وَعَمِلَ مِنْهُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَانَ لَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ (٢) .

كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ رِجَالًا (٣) مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ ". قَالُوا: وَهُمْ فِي الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» " (٤) .

وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ: " «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْوِزْرِ مِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» " (٥) . وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.


(١) ن، م: حَازِمًا
(٢) ن، م، س: أَجْرُ عَامِلٍ.
(٣) ن، س: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا، م: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالٌ.
(٤) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ٤/٢٦ (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْغَزْوِ) سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٣/١٧ - ١٨ (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْقُعُودِ مِنَ الْعُذْرِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢/٩٢٣ (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَنْ حَبَسَهُ الْعُذْرُ عَنِ الْجِهَادِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٣/١٠٣، ١٦٠، ٣٠٠، ٣٤١. وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِأَلْفَاظٍ مُقَارِبَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ ٣/١٥١٨ (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ ثَوَابِ مَنْ حَبَسَهُ عَنِ الْغَزْوِ مَرَضٌ أَوْ عُذْرٌ آخَرُ) سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ (فِي الْمَوْضِعِ السَّابِقِ) .
(٥) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ ٤/٢٠٦٠ (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً وَمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى أَوْ ضَلَالَةٍ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٤/٢٨١ - ٢٨٢ (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ لُزُومِ السُّنَّةِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (ط. الْمَدِينَةِ) ٥/١٤٩ كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابٌ فِيمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ أَوْ إِلَى ضَلَالَةٍ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ١/٧٥ (الْمُقَدِّمَةُ، بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ١٨/٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>