للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ (١) : " مَا هُوَ فِي تَقْدِيرِ مَكَانٍ مَا وَمَا يَشْغَلُ الْحَيِّزَ، وَمَعْنَى شَغْلِ الْحَيِّزِ أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي فَرَاغٍ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ فَرَاغًا ".

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " الْحَيِّزُ تَقْدِيرُ مَكَانِ الْجَوْهَرِ ".

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ - الْمُلَقَّبُ بِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ -: " الْحَيِّزُ هُوَ الْمُتَحَيِّزُ نَفْسُهُ، ثُمَّ إِضَافَةُ الْحَيِّزِ إِلَى الْجَوْهَرِ كَإِضَافَةِ الْوُجُودِ إِلَيْهِ " (٢) .

قَالَ: " فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قُلْتُمْ: إِنَّ الْمُتَحَيِّزَ مُتَحَيِّزٌ بِمَعْنًى، كَمَا أَنَّ الْكَائِنَ كَائِنٌ بِمَعْنًى. قُلْنَا: تَحَيُّزُهُ نَفْسُهُ أَوْ صِفَةُ نَفْسِهِ - عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْأَحْوَالِ - وَكَوْنُهُ مُتَحَيِّزًا رَاجِعٌ إِلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ كَوْنُهُ جِرْمًا، وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَكْوَانُهُ بِأَعْرَاضِهِ، وَلَوْ كَانَ تَحَيُّزُهُ حُكْمًا مُعَلَّلًا لَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُ الِاخْتِلَافِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَكْوَانِ، فَلَمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ كَوْنُهُ جِرْمًا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْأَكْوَانِ وَالِاخْتِصَاصِ بِالْجِهَاتِ، فَمَا كَانَ بِمُقْتَضَى الْأَكْوَانِ كَانَ فِي حُكْمِ الِاخْتِلَافِ ".


(١) أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْرَانَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ ٢/٢٩٦ وَانْظُرْ عَنْهُ أَيْضًا: تَبْيِينَ كَذِبِ الْمُفْتَرِي، ص [٠ - ٩] ٤٣ - ٢٤٤.
(٢) يَقُولُ الْجُوَيْنِيُّ (الشَّامِلِ، ص [٠ - ٩] ٥٦، تَحْقِيقُ د. فَيْصَل بُدَيْر عَوْن، د. سُهَيْر مُحَمَّد مُخْتَار، ط. الْمَعَارِفِ، الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، ١٩٦٩) : " وَأَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي الْحَيِّزِ أَنَّهُ الْمُتَحَيِّزُ بِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَى الْمُتَحَيِّزِ، ثُمَّ لَا تَبْعُدُ إِضَافَةُ الْحَيِّزِ إِلَى الْجَوْهَرِ، كَمَا لَا تَبْعُدُ إِضَافَةُ الْوُجُودِ إِلَيْهِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>