ما فعل أخي قال ذلك أخو الشيطان قال مه قال إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر
قال إذا أردت الخروج فآذني فكتب عند خروجه إليه بسم الله الرحمن الرحيم {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب} الآية ثم عاتبه تحت ذلك وعذله
فلما قرأ الكتاب بكى وقال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع
وحكي أن أخوين ابتلى أحدهما بهوى فأظهر عليه أخاه وقال إني قد اعتللت فإن شئت أن لا تعقد على صحبتي لله فافعل فقال ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبداً ثم عقد أخوه بينه وبين الله بأن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافى الله أخاه من هواه فطوى أربعين يوما في كلها يسأله عن هواه فكان يقول القلب مقيم على حاله
وما زال هو ينحل من الغم والجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين فأخبره بذلك فأكل وشرب بعد أن كاد يتلفت هزالاً وضراً
وكذلك حكي عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة فقيل لأخيه ألا تقطعه وتهجره فقال أحوج ما كان إلي في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذبيده وأتلطف له في المعاتبة وأدعو له بالعود إلى ما كان عليه
وروي في الإسرائيليات أن أخوين عابدين كانا في جبل نزل أحدهما ليشتري من المصر لحماً بدرهم فرأى بغياً عند اللحام فرمقها وعشقها واجتذبها إلى خلوة وواقعها ثم أقام عندها ثلاثاً واستحيا أن يرجع إلى أخيه حياء من جنايته
قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه فنزل إلى المدينة فلم يزل يسأل عنه حتى دل عليه فدخل إليه وهو جالس معها فاعتنقه وجعل يقبله ويلتزمه وأنكر الآخر أنه يعرفه قط لفرط استحيائه منه فقال قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت قد أحب إلي ولا أعز من ساعتك هذه فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام فانصرف معه
فهذه طريقة قوم وهي ألطف وأفقه من طريقة أبي ذر رضي الله عنه وطريقته أحسن وأسلم
فإن قلت ولم قلت هذا ألطف وأفقه ومقارف هذه المعصية لا تجوز مؤاخاته ابتداء فتجب مقاطعته انتهاء لأن الحكم إذا ثبت بعلة فالقياس أن يزول بزوالها وعلة عقد الأخوة التعاون في الدين ولا يستمر ذلك مم مقارفة المعصية فأقول أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق والاستمالة والتعطف المفضي إلى الرجوع والتوبة لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة ومهما قوطع وانقطع طمعه عن الصحبة أصر واستمر
وأما كونه أفقه فمن حيث إن الأخوة عقد ينزل منزلة القرابة فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ومن الوفاء به أن لا يهمل أيام حاجته وفقره وفقر الدين أشد من فقر المال وقد أصابته جائحة وألمت به آفة افتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراقب ويراعي ولا يهمل بل لا يزال يتلطف به ليعان على الخلاص من تلك الوقعة التي ألمت به
فالأخوة عدة للنائبات وحوادث الزمان وهذا من أشد النوائب والفاجر إذا صحب تقياً وهو ينظر إلى خوفه ومداومته فسيرجع على قرب ويستحي من الإصرار بل الكسلان يصحب الحريص في العمل فيحرص حياء منه
قال جعفر بن سليمان مهما فترت في العمل نظرت إلى محمد بن واسع وإقباله على الطاعة فيرجع إلي نشاطي في العبادة وفارقني الكسل وعملت عليه أسبوعاً وهذا التحقيق وهو أن الصداقة لحمة كلحمة النسب والقريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته {فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون} ولم يقل إني بريء منكم مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب
وإلى هذا أشار أبو الدرداء لما قيل له ألا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي وأخوة الدين أوكد من أخوة القرابة
ولذلك قيل لحكيم أيما احب إليك أخوك أو صديقك فقال إنما أحب أخي إذا كان صديقاً لي
وكان الحسن يقول كم من أخ لم تلده أمك ولذلك قيل