للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال داود بن هلال مكتوب في صحف إبراهيم عليه السلام يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعت وتزينت لهم إني قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك وما خلقت خلقاً أهون علي منك كل شأنك صغير وإلى الفناء يصير قضيت عليك يوم خلقتك أن لا تدومي لأحد ولا يدوم لك أحد وإن بخل بك صاحبك وشح عليك طوبى للأبرار الذين أطلعوني من قلوبهم على الرضا ومن ضميرهم على الصدق والاستقامة طوبى لهم ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم إلا النور يسعى أمامهم والملائكة حافون بهم حتى أبلغهم ما يرجون من رحمتي وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدنيا موقوفة بين السماء والأرض منذ خلقها الله تعالى لم ينظر إليها وتقول يوم القيامة يا رب اجعلني لأدنى أوليائك اليوم نصيباً فيقول اسكتي يا لا شيء إني لم أرضك لهم في الدنيا أرضاك لهم اليوم (١)

وروي في أخبار آدم عليه السلام أنه لما أكل من الشجرة تحركت معدته لخروج الثقل ولم يكن ذلك مجعولاً في شيء من أطعمة الجنة إلا في هذه الشجرة فلذلك نهيا عن أكلها قال فجعل يدور في الجنة فأمر الله تعالى ملكاً يخاطبه فقال له قل له أي شيء تريد قال آدم أريد أن أضع ما في بطني من الأذى فقيل للملك قل له في أي مكان تريد أن تضعه أعلى الفرش أم على السرر أم على الأنهار أم تحت ظلال الأشجار هل ترى ههنا مكاناً يصلح لذلك اهبط إلى الدنيا وقال صلى الله عليه وسلم ليجيئن أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم إلى النار قالوا يا رسول الله مصلين قال نعم كانوا يصلون ويصومون ويأخذون هنة من الليل فإذا عرض لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه (٢)

وقال صلى الله عليه وسلم في بعض خطبه المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليتزود العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ومن حياته لموته ومن شبابه لهرمه فإن الدنيا خلقت لكم وأنتم خلقتم للآخرة والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار (٣) وقال عيسى عليه السلام لا يستقيم حب الدنيا والآخرة في مؤمن كما لا يستقيم الماء والنار في إناء واحد وروي أن جبريل عليه السلام قال لنوح عليه السلام يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا قال كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر قيل لعيسى عليه السلام لو اتخذت بيتاً يكنك

قال يكفينا خلقان من كان قبلنا

وقال نبينا صلى الله عليه وسلم احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت (٤)

وعن الحسن قال خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم على أصحابه فقال هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيراً ألا إنه من رغب في الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد في الدنيا وقصر فيها أمله أعطاه الله علماً بغير تعلم وهدى بغير هداية ألا أنه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالفخر والبخل ولا المحبة إلا باتباع الهوى إلا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك إلا وجه الله تعالى أعطاه الله ثواب خمسين صديقا // حديث الحسن هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب من طريقه هكذا مرسلا وفيه إبراهيم بن الأشعث تكلم فيه أبو حاتم وروي أن عيسى عليه السلام اشتد عليه المطر والرعد


(١) حديث الدنيا موقوفة بين السماء والأرض منذ خلقها الله لا ينظر إليها الحديث تقدم بعضه من رواية موسى بن يسارمرسلا ولم أجد باقيه
(٢) حديث لجيئين أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة فيؤمر بهم الي النار الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث سالم مولى أبي حذيفة بسند ضعيف وأبو منصور الديلمي من حديث أنس وهو ضعيف أيضا
(٣) حديث المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيه انقطاع
(٤) حديث احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب من طريقه من رواية أبي الدرداء الرهاوي مرسلا وقال البيهقي أن بعضهم قال عن أبي الدرداء عن رجل من الصحابة قال الذهبي لا يدرى من أبو الدرداء قال وهكذا منكر لا أصل له

<<  <  ج: ص:  >  >>