للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبرق يوماً فجعل يطلب شيئاً يلجأ إليه فوقعت عينه على خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها امرأة فحاد عنها فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا فيه أسد فوضع يده عليه وقال إلهي جعلت لكل شيء مأوى ولم تجعل لي مأوى فأوحى الله تعالى إليه مأواك في مستقر رحمتي لأزوجنك يوم القيامة مائة حوراء خلقتها بيدي ولأطعمن في عرسك أربعة آلاف عام يوم منها كعمر الدنيا ولآمرن منادياً ينادي أين الزهاد في الدنيا زوروا عرس الزاهد في الدنيا عيسى ابن مريم وقال عيسى ابن مريم عليه السلام ويل لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركها وما فيها وتغره ويأمنها ويثق بها وتخذله وويل للمغترين كيف أرتهم ما يكرهون وفارقهم ما يحبون وجاءهم ما يوعدون وويل لمن الدنيا همه والخطايا عمله كيف يفتضح غداً بذنبه وقيل أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام يا موسى مالك ولدار الظالمين إنها ليست لك بدار أخرج منها همك وفارقها بعقلك فبئست الدار هي إلا لعامل يعمل فيها فنعمت الدار هي يا موسى إني مرصد للظالم حتى آخذ منه للمظلوم وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح فجاء بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة فوافوا صلاة الفجر مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم ثم قال أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء قالوا أجل يا رسول الله قال فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم (١)

وقال أبو سعيد الخدري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض فقيل ما بركات الأرض قال زهرة الدنيا (٢)

وقال صلى الله عليه وسلم لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا (٣)

فنهى عن ذكرها فضلاً عن إصابة عينها وقال عمار بن سعيد مر عيسى عليه السلام بقرية فإذا أهلها موتى في الأفنية والطرق فقال يا معشر الحواريين إن هؤلاء ماتوا عن سخطة ولو ماتوا عن غير ذلك لتدافنوا فقالوا يا روح الله وددنا أن لو علمنا خبرهم فسأل الله تعالى فأوحى إليه إذا كان الليل فنادهم يجيبوك فلما كان الليل أشرف على نشز ثم نادى يا أهل القرية فأجابه مجيب لبيك يا روح الله فقال ما حالكم وما قصتكم قال بتنا في عافية وأصبحنا في الهاوية قال وكيف ذاك قال بحبنا الدنيا وطاعتنا أهل المعاصي قال وكيف كان حبكم للدنيا قال حب الصبي لأمه إذا أقبلت فرحنا بها وإذا أدبرت حزنا وبكينا عليها قال فما بال أصحابك لم يجيبوني قال لأنهم ملجمون بلجم من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد قال فكيف أجبتني أنت من بينهم قال لأني كنت فيهم ولم أكن منهم فلما نزل بهم العذاب أصابني معهم فأنا معلق على شفير جهنم لا أدري أأنجوا منها أم أكبكب فيها فقال المسيح للحواريين لأكل خبز الشعير بالملح الجريش ولبس المسوح والنوم على المزابل كثير مع عافية الدنيا والآخرة وقال أنس كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق فجاء أعرابي بناقة له فسبقها فشق ذلك على المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم إنه حق على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه (٤) وقال عيسى عليه السلام من الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا


(١) حديث بعث أبا عبيدة بن الجراح فجاء بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة متفق عليه من حديث عمرو ابن عوف البدري
(٢) حديث أبي سعيد إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الدنيا الحديث متفق عليه
(٣) حديث لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا أخرجه البيهقي في الشعب من طريق ابن أبي الدنيا من رواية محمد بن النضر الحارثي مرسلا
(٤) حديث أنس كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق الحديث وفيه حق على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه أخرجه البخاري

<<  <  ج: ص:  >  >>