كبان بنى بنيانه فأقامه ... فلما استوى ما قد بناه تهدما
وقيل أيضاً في ذلك
هب الدنيا تساق إليك عفواً ... أليس مصير ذاك إلى انتقال
وما دنياك إلا مثل فيء ... أظلك ثم آذن بالزوال
وقال لقمان لابنه يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ولا تبع آخرتك بدنياك تخسرهما جميعاً وقال مطرف ابن الشخير لا تنظر إلى خفض عيش الملوك ولين رياشهم ولكن انظر إلى سرعة ظعنهم وسوء منقلبهم وقال ابن عباس إن الله تعالى جعل الدنيا ثلاثة أجزاء جزء للمؤمن وجزء للمنافق وجزء للكافر فالمؤمن يتزود والمنافق يتزين والكافر يتمتع وقال بعضهم الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئاً فليصبر على معاشرة الكلاب وفي ذلك قيل يا خاطب الدنيا إلى نفسها ... تنح عن خطبتها تسلم
إن التي تخطب غدارة ... قريبة العرس من المأتم
وقال أبو الدرداء من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها
وفي ذلك قيل
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
وقيل أيضاً
يا راقد الليل مسروراً بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
أفنى القرون التي كانت منعمة ... كر الجديدين إقبالاً وإدبارا
كم قد أبادت صروف الدهر من ملك ... قد كان في الدهر نفاعاً وضرارا
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ... يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت من الدنيا معانقة ... حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها ... فينبغي لك أن لا تأمن النارا
وقال أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه لما بعث محمد صلى الله عليه وسلم أتت إبليس جنوده فقالوا قد بعث نبي وأخرجت أمة قال يحبون الدنيا قالوا نعم قال لئن كانوا يحبون الدنيا ما أبالي أن لا يعبدوا الأوثان وإنما أغدو عليهم وأروح بثلاث أخذ المال من غير حقه وإنفاقه في غير حقه وإمساكه عن حقه والشر كان من هذا نبع وقال رجل لعلي كرم الله وجهه يا أمير المؤمنين صف لنا الدنيا قال وما أصف لك من دار صح فيها سقم ومن أمن فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فيها افتتن في حلالها الحساب وفي حرامها العقاب ومتشابهها العتاب وقيل له ذلك مرة أخرى فقال أطول أم أقصر فقيل قصر فقال حلالها حساب وحرامها عذاب وقال مالك بن دينار اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء يعني الدنيا
وقال أبو سليمان الداراني إذا كانت الآخرة في القلب جاءت الدنيا تزاحمها فإذا كانت الدنيا في القلب لم تزاحمها الآخرة لأن الآخرة كريمة والدنيا لئيمة وهذا تشديد عظيم ونرجو أن يكون ما ذكره سيار بن الحكم أصح إذ قال الدنيا والآخرة يجتمعان في القلب فأيهما غلب كان الآخر تبعاً له وقال مالك بن دينار بقدر ما تحزن للدنيا يخرج هم الآخرة من قلبك وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك وهذا اقتباس مما قاله علي كرم الله وجهه حيث قال الدنيا