للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من عين الجان وعين الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما، وترك ما سوى ذلك) (١).

ولما قيل لأبي بن كعب - رضي الله عنه -: إن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه قال أُبي: أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فقلتُها، فقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فقلتُها، فنحن نقول ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

لكن الموضوع الأهم هو ما أشار إليه ابن حزم والباقلاني في أن الأخبار المروية عن ابن مسعود بشأن حك المعوذتين معارضة بآثار أصح منها منقولة عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، فالمعوذتان قرأ بهما عاصم - راوي الأثر المشكِل - في قراءته الصحيحة التي يرويها عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي عمرو سعد بن إلياس الشيباني، "وقرأ هؤلاء الثلاثة على عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، وقرأ السلمي وزِر أيضاً على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقرأ السلمي أيضاً على أُبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما، وقرأ ابن مسعود وعثمان وعلي وأبو زيد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٣).

وكذلك رويت قراءة المعوذتين عن ابن مسعود في قراءة حمزة وتلميذه الكسائي، فقد قرآها عنه من طريق "علقمة والأسود وابن وهب ومسروق وعاصم بن ضمرة والحارث" فقد قرؤوا جميعاً على ابن مسعود - رضي الله عنه - (٤).

بل وقرأ المعوذتين جميعُ القراء العشرة، وأسانيد قراءاتهم أقوى من تلك


(١) أخرجه الترمذي ح (٢٠٥٨)، والنسائي ح (٥٤٩٤)، وابن ماجه ح (٣٥١١).
(٢) أخرجه أحمد ح (٢٠٦٧٧).
(٣) النشر في القراءات العشر، ابن الجزري (١/ ١٥٥)، وانظر: الإقناع في القراءات السبع، ابن الباذش الأنصاري (١/ ١٢٤).
(٤) النشر في القراءات العشر، ابن الجزري (١/ ١٦٥)، وانظر: الإقناع في القراءات السبع، ابن الباذش الأنصاري (١/ ١٣٥).

<<  <   >  >>